نام کتاب : المصطلحات الأربعة في القرآن نویسنده : المودودي، أبو الأعلى جلد : 1 صفحه : 39
وبيان هذا الإجمال أنه لما استتبت ليوسف عليه السلام السلطة على مصر، استفرغ جهده في نشر الإسلام وتعاليمه بينهم. ورسم على أرضه من ذلك أثراً محكماً لم يقدر على محوه أحد إلى القرون. وأهل مصر وإن لم يكونوا إذ ذاك قد آمنوا بدين الله عن بكرة أبيهم، إلا أنه لا يمكن أن يكون قد بقي فيهم من لم يعرف وجود الله تعالى ولم يعلم أنه هو فاطر السماوات والأرض. وليس الأمر يقف عند هذا بل الحق أن كان تم للتعاليم الإسلامية من النفوذ والتأثير في كل مصري ما جعله – على الأقل – يعتقد بأن الله إله الآلهة رب الأرباب فيما فوق العالم الطبيعي ولم يبق في تلك الأرض من يكفر بألوهية الله تعالى. وأما الذين كانوا قد أقاموا على الكفر، فكانوا يجعلون مع الله شركاء في الألوهية والربوبية. وكانت تأثيرات الإسلام المختلفة هذه في نفوس أهل مصر باقية إلى الزمن الذي بعث فيه موسى عليه السلام [1] . والدليل على ذلك تلك الخطبة التي ألقاها أمير من الأقباط في مجلس فرعون. وذلك أن [1] وإذا ما وثقنا بما بينت التوراة من الحوادث التاريخية فإنا نستطيع أن نقدر أن قريباً من خمس عدد سكان مصر، قد كانوا أسلموا حينذاك. فإن ما جاء في التوراة من إحصاء بني إسرائيل يدل على أن الذين خرجوا منهم مع موسى عليه السلام كانوا مليوني نفر. ولا تظن أن يكون عدد سكان مصر في ذلك الزمن أكثر من عشرة ملايين. هذا وقد وصفت التوراة أولئك المهاجرين كلهم بكونهم بني إسرائيل. ولكن لا يبدو من الممكن – مهما بالغنا في الحدث والتخمين- أن يكون ولد أبناء يعقوب عليه السلام الاثنا عشر قد بلغت بهم الكثرة والوفرة عدد مليونين في مدة خمسمائة سنة. لذلك مما يقتضيه القياس أنه لابد أن يكون عدد غير قليل من أهالي مصر قد أسلموا وانضموا إلى بني إسرائيل ثم رافقوهم في هجرتهم عن أرض مصر. ومن ذلك كله نستطيع أن نقدر مدى عمل الدعوة الذي قام به يوسف عليه الصلاة والسلام وخلفاؤه في القطر المصري.
نام کتاب : المصطلحات الأربعة في القرآن نویسنده : المودودي، أبو الأعلى جلد : 1 صفحه : 39