شِقَةَ الحياد ريثما تنقشع سحابة الشك شِقَةَ الحياد ريثما تنقشع سحابة الشك {فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [1] {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا، وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا} [2].
ذلك أبدًا دأب المنافقين في كل أمرهم؛ إن توقعوا ربحًا عاجلًا التمسوه في أي صف وجدوه، وإن توقعوا أذى كذلك تنكروا للفئة التي ينالهم في سبيلها شيء من المكروه. وإذا أظلم عليهم الأمر قاموا بعيدًا لا إلا هؤلاء ولا إلى هؤلاء، أما الذي يؤمن بالله واليوم الآخر فإن له قبلة واحدة يولي وجهه شطرها، هي قبلة الحق لا يخشى فيها لومة لائم.
وليس يبالي حين يُقتل مسلمًا ... على أي جنب كان في الله مصرعه
هنا تمت المقدمة بعد أن وصفت القرآن بما هو أهله، ووصفت متبعيه ومخالفيه كلًّا بما يستحقه. ولا مرية أن وصف هذه الطوائف جميعها راجع في المآل إلى الثناء على القرآن؛ فإن الشيء الذي يكون متبعوه هم أهل الهدى والفلاح، ومخالفوه هم أهل الضلالة والخسر لا يكون إلا حقًّا واضحًا لا ريب فيه.
فما هو ذلك الحق الذي لا يتبعه إلا مهتد مفلح، ولا يعرض عنه إلا ضال خاسر؟ بل ما هو ذلك الحق الذي ضربت له الأمثال بالضياء الباهر والغيث الكثير؟
لا شك أن هذا كله تشويق أي تشويق لسماع الحقائق التي يدعو القرآن الناس [1] سورة النساء: الآية 141. [2] الآيتان 72، 73 من السورة نفسها.