وقد ذكر المرحوم الشيخ سيد قطب[1] أن جهد سلفنا قد توقف عند خصائص النصوص مفردة، وإدراك مواضع الجمال المتفرقة، وتعليل كل موضع منها تعليلًا منفردًا:
"أما مرحلة الخصائص العامة فلم يصلوا إليها أبدًا لا في الأدب، ولا في القرآن، وبذلك بقيت أهم مزايا القرآن مغفلة وخافية، وأصبح لا بد لدراسة التعبير في هذا الكتاب المعجز من منهج للدراسة جديد، ومن بحث عن الأصول العامة للجمال الفني، وتفسير الإعجاز الفني تفسيرًا يستمد من تلك السمات المتفردة في القرآن[2].
ويبدو أن الأستاذ سيد قطب -رحمه الله- لم يقرأ كتاب الدكتور دراز، ولم يقف على جهده القيم في البحث في بعض الخصائص البيانية للقرآن، ولا يمكن أن يقرأ هذا الجهد دون إشارة، ويؤكد ذلك أن كتاب الدكتور دراز "النبأ العظيم" وإن ألف قبل "التصوير الفني" إلا أنه نشر بعده؛ إذ شغل الشيخ دراز في فرنسا بتحضيره لدرجة "الدكتوراه" ثم شغل بعد عودته بالأعمال التي نيطت به[3].
فقد بدأ الدكتور دراز في كتابه "النبأ العظيم" منذ عام 1935م تقريبًا ثم سافر إلى فرنسا عام 1936م، وعاد إلى مصر عام 1947م، فظل مشغولًا بأعماله التي نيطت به على عجل، حتى نشر كتابه الفذ في مارس 1957م كما ذكر هو في مقدمته، بينما نشر الأستاذ سيد قطب هذا البحث في مجلة المقتطف عام 1939م، ثم أكمله وأضاف إليه بعد سنوات قليلة، كما ذكر هو في مقدمة "التصوير الفني" ص9، وعلى الرغم من تأخر كتاب الدكتور دراز في النشر، فإنه ليس في كلامه ما [1] سيد إبراهيم قطب: ولد في قرية "موشا" بمحافظة أسيوط 1906، عاش أكثر حياته للدفاع عن الإسلام، ومحاربة خصومه، وهو مع ذلك أديب ناقد شاعر، من أبرز كتبه "في ظلال القرآن"، وأعدم في عام 1965م. [2] التصوير الفني في القرآن: سيد قطب، ط دار المعارف، الطبعة العاشرة، ص32. [3] محمد أمين أبو شهبة، د. محمد عبد الله دراز وجهوده البلاغية ص99.