مصر, ومن العالم الإسلامي.
وإن أنسَ فلا أنسى جلال الموكب المهيب لمشيعي جنازته، حتى يخيل إليك أن كل فرد في القاهرة ليشترك في تشييعه، وتعطلت حركة المرور من الأزهر إلى أرض المدفن، وحين وصول أوائل مشيعيه إلى أرض المدفن كان آخرهم يبدأ سيره من ساحة الجامع الأزهر متجهًا إلى أرض المدفن.
وبعد دفنه نعاه الشيخ محمود شلتوت -شيخ الأزهر الأسبق- بكلمة، كان مما جاء فيها كما وعتها الذاكرة عنه سماعًا مباشرًا: "لقد مات مشعل النور، الذي أطفأ مشاعل الجهل". رحمهما الله جميعًا، ورحم معهما صالحي المؤمنين.
وللشيخ دراز كتب كثيرة كلها في نصرة الإسلام، وبيان محاسنه ومزاياه في كل مناحي الحياة وأصول العلم والمعرفة وفروعها.
وكتابه "النبأ العظيم" واحد مما دبجه قلمه القدير وأفرزته قريحته الصافية. وهو موقوف على بيان وجوه جديدة من وجوه "الإعجاز القرآني البياني واللغوي والعقلي". وما ورد في هذا الكتاب من إعجاز القرآن، وإثبات أنه كلام الله لو لم يكن في موضوع الإعجاز كتاب غيره، لا سابق عليه، ولا لاحق له، لكان كتابه كافيًا في هذا المجال الحيوي، ولقامت به الحجة لله قوية على منكري سماوية القرآن من قدامى ومحدَثين، فقد أثبت -رحمه الله- أن هذا القرآن يستحيل عقلًا وعلمًا وواقعًا أن يكون له مصدر غير الله -عز وجل.
هذا الفرع بدأ به الشيخ محمد عبد الله دراز -رحمه الله- فصول كتابه، وكتب فيه ما يزيد على المائة صفحة مواجهًا بهذه الحقيقة القوى المدركة عند الإنسان، مسلمًا أو غير مسلم، ممن له عقل وفهم، ولا شيء غير العقل والفهم.