وعلومهم لا يتورعون عن منكر، فكانوا تارة {يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا} [1]، وتارة {يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} [2]، وتارة {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [3]، وتارة يبترون الكتب فيظهرون بعضها ويخفون بعضها {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيرًا} [4]، وتارة يحاجون بمحفوظهم فإذا قيل لهم: {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [5]، [6]، بُهتوا؛ فلم يجيبوا، وربما جاءوا بها فقرءوا ما قبل الشاهد وما بعده وستروا بكفهم مكان النص المجادل فيه، كما وقع في قصة الرجم[7]. انظر صحيح البخاري في تفسير الآية الآنفة.
فجاء القرآن يرميهم علنًا باللبس والكتمان {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [8]، بل جاء كاشفًا لما ستروه مبينًا لما كتموه حاكمًا فيما اختلفوا فيه {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ} [9] {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ [1] سورة البقرة: الآية 79. [2] سورة النساء: الآية 78. [3] سورة المائدة: الآية 13. [4] سورة الأنعام: الآية 91. [5] سورة آل عمران: الآية 93. [6] البخاري عن عبد الله بن عمر، ك/ تفسير القرآن، ب/ {فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} "4190". [7] البخاري عن عبد الله بن عمر، ك/ المناقب، ب/ قول الله تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ} "3363". [8] سورة آل عمران: الآية 71. [9] سورة المائدة: الآية 15.