responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 134
من هذه الأسباب، وأنه كلما امتد بالناس الزمان ازداد جهلهم بها لبعدهم عن الينبوع الصافي النمير، لذلك كان علماء السلف الصالح يتشددون كثيرا في الروايات المتعلقة بأسباب النزول، وكان تشددهم يتناول أشخاص رواتها وأسانيدها ومتونها. فأما الأشخاص فما كان أشد ورعهم إذ يستفتون في أسباب النزول! هذا محمد بن سرين[1] يقول: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: "اتق الله وقل سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيم أنزل القرآن"[2]. ولكن هذا الورع لم يكن ليمنعهم من قبول أخبار الصحابة في مثل هذه الموضوعات، وحجتهم في هذا لا تقبل الجدل، فهم يرون "أن قول الصحابي فيما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه، بل عمدته لنقل والسماع، محمول على سماعه من النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه يبعد جدا أن يقول ذلك من تلقاء نفسه"[3]. ولذلك قرر ابن الصلاح والحاكم وغيرهما في علوم الحديث أن الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل إذا أخبر عن آية أنها أنزلت في كذا فإنه حديث مسند، له حكم المرفوع[4].
وليس من الرواية الصحيحة في هذا المجال قول التابعي إلا إذا اعتضد بمرسل آخر رواه أحد أئمة التفسير الذين ثبت أخذهم عن الصحابة كعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وعطاء والحسن البصري وسعيد بن المسيب والضحاك[5].

[1] هو محمد بن سرين البصري، ويكنى أبا بكر. اشتهر بالحديث وتعبير الرؤيا، وكان إمام عصره في علوم الدين بالبصرة. توفي سنة 110 "تهذيب التهذيب 9/ 214".
[2] الإتقان 1/ 52.
[3] منهج العرفان، لمحمد علي سلامة، ص39. "انظر الإتقان 1/ ص52".
[4] معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم فقال: "أحسب هذه الآية نزلت في كذا" كما أخرجه الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال: خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "اسق يا زبير, ثم أرسل الماء إلى جارك"، فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك، فتلون وجهه، الحديث. قال الزبير: فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} "الإتقان 1/ 52". وانظر أيضا "الإتقان 1/ 229". والشراج جمع شرج، وهو مسيل ماء من الحرة إلى السهل.
[5] الإتقان 1/ 553.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 134
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست