نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 145
النبي صلى الله عليه وسلم، "لأستغفرن لك ما لم أنه عنك"، فنزلت: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى ... } إلى قوله: {إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} [1]. وهذه الآية من سورة التوبة نزلت في المدينة آخر الأمر بالاتفاق, مع أن وفاة أبي طالب كانت في مكة[2], ومن ذلك سورة الإخلاص, فقد ورد أنها جواب للمشركين بمكة، وجواب لأهل الكتاب بالمدينة[3]. ولا مانع من تعدد النزول. قال الزركشي في "البرهان": "وقد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا عند حدوث سبب خوف نسيانه، كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين: مرة بمكة، وأخرى بالمدينة"[4].
وإن كانت الروايتان صحيحتين، ويمكننا ترجيح إحداهما لأنها أصح من الأخرى, أو لأن راويها شهد الحادثة دون راوي الأخرى, فلا ريب أن سبب النزول يؤخذ من الراجحة الأصح.
مثال ذلك: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود, فقال بعضهم: لو سألتموه. فقالوا: حدثنا عن الروح. فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه، حتى صعد الوحي، ثم قال: {قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [5]. وما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: "قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل. [1] التوبة 113 "وانظر البخاري كتاب التفسير 6/ 69". [2] البرهان 1/ 31. [3] البرهان 1/ 30. [4] البرهان 1/ 29 "فصل فيما نزل مكررًا". [5] هذه عبارة السيوطي في الإتقان 1/ 55 نقلا عن صحيح البخاري، وللبخاري في هذا الصدد رواية أخرى يختلف لفظها اختلافا يسيرا عن التي أوردها السيوطي، "تراجع في كتاب التفسير 6/ 87" وابن كثير يومئ في تفسيره "1/ 60" إلى هذا الحديث برواية أحمد بسنده عن عبد الله بن مسعود.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 145