نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 179
مدنية أو آيات مدنية من سورة مكية، وفي ترتيب ما نزل بمكة أو المدينة، وفي الخصائص الأسلوبية أو الموضوعية لكل من المكيي والمدني، ثم لا يفصل في الاختلاف إلا بضروب من الاجتهاد.
فإذا زعم النحاس[1] أن سورة النساء مكية مستندا إلى أن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [2] نزل بمكة اتفاقا في شأن مفتاح الكعبة، تصدى له السيوطي يضعف رأيه قائلا: "وذلك مستند واه، لأنه لا يلزم من نزول آية أو آيات من سورة طويلة نزل معظمها بالمدينة أن تكون مكية، خصوصا أن الأرجح أن ما نزل بعد الهجرة مدني. ومن راجع أسباب نزول آياتها عرف الرد عليه. ومما يرد عليه أيضا ما أخرجه البخاري عن عائشة قالت: "ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده"، ودخولها عليه كان بعد الهجرة اتفاقًا"[3].
وإذا كان في كل من المكي والمدني آيات مستثناة، فمن العلماء من اعتمد في استثنائها على الاجتهاد دون النقل[4]. ولا يعارض هذا ما ورد عن ابن عباس: "كانت إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة، ثم يزيد الله فيها ما شاء"، لأن إلحاق المكي بالمدني أو المدني بالمكي يعرف وجه الحكمة فيه حينئذ عن طريق الاجتهاد: مثاله سورة الإسراء فهي مكية؛ إلا أنهم استثنوا منها {وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [5] فرجحوا أنها آية مدنية "نزلت في وفد ثقيف، أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه شططا، وقالوا: متعنا بآلهتنا حتى نأخذ ما يهدى لها. فإذا أخذناه كسرناها وأسلمنا، وحرمنا [1] هو أبو جعفر النحاس، أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي، من أئمة العلم واللغة بمصر، توفي سنة 338. له كتاب قيم في "الناسخ والمنسوخ" "انظر إنباه الرواة 1/ 101" وكتابه المذكور طبع في القاهرة بمطبعة السعادة 1323. [2] سورة النساء 58. [3] الإتقان 1/ 19 وقد عقد السيوطي في الإتقان فصلا لتحرير السور المختلف في مكيتها أو مدنيتها عالج فيه الاختلاف بضرب من الاجتهاد "انظر الإتقان 1/ 18-23". [4] الإتقان 1/ 23. [5] الإسراء 73.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 179