responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 191
وفي سورة "العاديات"[1] يقسم الله بخيل الغارة التي تعدو في ساحة المعركة ضابحة صاخبة لاهثة الأنفاس، وتصك الصخر بحوافرها صكا يقدح النار ويوري الشرر، وتقتحم أرض العدو بغارة صباحية مفاجئة تثير
بها الغبار, وتتوسط الجموع وتجوس خلال الديار، ثم تملأ الصفوف ذعرًا وتلجئهم إلى الفرار[2] ... يقسم الله بهذه الخيل العاديات الصاخبات الثائرات على أن الإنسان جاحد نعمة ربه يقيم من نفسه شاهدا على جحوده، ولا يحمله على هذا الكفر إلا ما فطر عليه من حب المال والخير ومتاع الحياة، فليطلق الإنسان نفسه من أغلالها، وليطف بخياله مشهد مصيره المحتوم ومصائر إخوانه البشر أجمعين حين يبعثون من مراقدهم، فتبعثر قبورهم، وتحصل أسرار صدورهم ويخبرهم ربهم بكنودهم وجحودهم، ويجزون سؤء العذاب على ما قدمت أيديهم.
وفي سورة "التكاثر" إنذار رهيب للغافلين اللاهين الذين يتكاثرون بالأموال والبنين، حتى ينتهوا إلى زيارة المقابر الضيقة, فلا يجدوا في حفرها المظلمة فرصة للتنافس. إن الهول الأكبر سيحيق بهم فيستيقظون على حقيقته الرهيبة بعد أن طالت سكراتهم، ويرون الجحيم وعذابها بأم أعينهم، ويستصغرون -وهم يعاينون العذاب المقيم- كل ما أصابوه من ألوان النعيم[3].
وفي سورة "النجم"[4] تصوير دقيق لحقيقة الوحي وطريقة تلقيه،

[1] راجع تفسيرها في "الكشاف 4/ 328".
[2] هذه الصورة الواضحة التي لا تصدق إلا على الخيل العادية الصاخبة المغيرة جملة وتفصيلا ظلت في نفوس بعض المستشرقين غامضة، فلم ينتبهوا -وأنى لهم الذوق لينتبهوا! - إلى ما رود في الآيات من أصوات صاخبة، وحوافر قادحة, ونقع مثار، وجمع منهزم يولي الأدبار؛ وإذا هم يأخذون -كعادتهم- بأضعف الآراء، فيجعلون العاديات ضبحا الإبل التي يفيض عليها الحجاج من عرفة إلى المزدلفة، أو من المزدلفة إلى منى، ويستأنسون على ذلك بمن أقسم من الشعراء "بالراقصات إلى منى".
انظر: Gaudefroy -Domombynes, Pelerinage, 256.
[3] راجع تفسير سورة "التكاثر" في الكشاف 4/ 230.
[4] راجع تفسير الرازي 7/ 695 والنسفي 3/ 82 والطبري 27/ 24.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 191
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست