responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 216
استئثارهم بالبنين من دون الله الذي ينسبون إليه البنات، فهل يفضل الله البنات على البنين؟ أم شهدوا مولد الملائكة فعرفوا جنسهم؟ أم افتروا على الله كذبا وهم يعلمون؟
وكيف طوعت لهم أنفسهم أن يزعموا أن بين الله وبين الجنة نسبا, مع أن الجن يعلمون أنهم -ككل خلق الله- يحضرون يوم القيامة ليحاسبوا على ما قدمت أيديهم؟ إن أباطيلهم هذه لن تخدع إلا من في قلبه مرض ومن تؤهله طبيعته الفاسدة لدخول الجحيم.
وليت أولئك المبطلين يسمعون رد الملائكة على أسطورتهم الحمقاء، فإنهم في الملأ الأعلى ما ينفكون يناجون ربهم بلسان الحال أو المقال مرددين: إنا صافون1 صفا بين يديك، نسبح بحمدك ونقدس لك، وننزهك عن الصاحبة والولد وعن كل شريك!.
وبعد هذه الحملة العنيفة الساخرة على الأسطورة الجاهلية الحمقاء، تهدد السورة مخترعي هذه الأساطير بمصيرهم المشئوم، وتعرض عليهم سنة الله في نصر جنده المخلصين، فلله العزة جميعا، وعلى رسله السلام، وله الحمد

1- من عجيب أمر القرآن أنه -في مواطن متفرقة- وصف الملائكة بمثل ما يوصف به جمع المؤنث السالم، كما رأينا في مطلع هذه السورة {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} وفي مطلع سورة "المرسلات". وعلل المفسرون أمارات التأنيث بإرادة طوائف من الملائكة تلك صفاتها، وليس تعليلهم ببعيد، فإن لمثله نظائركثيرة في العربية، ولكن يبدو لنا -والله أعلم- أن القرآن يرمي إلى سر أبعد مما ذكروا، فإنه لواثق من تهافت أسطورة العرب في تأنيث الملائكة فلا عليه بعد إن أنثها أو ذكرها من الناحية اللفظية ما دام قد حمل على جوهر الفكرة حتى أبطلها من أساسها.
ولا يمكننا الجزم بأن القرآن -حين أبطل تأنيث الملائكة- قد أثبت لها صفة الذكورة، فإن الملائكة من عالم الغيب الذي لا نعرف منه على وجه اليقين إلا ما جاء صراحة في الكتاب أو على لسان المعصوم، ولم يكلفنا الله ولا رسوله معرفة جنس الملائكة، أإناث هم أم ذكور, بل وصفهم لنا ببعض وظائفهم في طاعة الله بعلامات التأنيث تارة وأمارات التذكير تارة أخرى, ومن ذلك أن مثولهم صفا بين يدي الله عبر عنه في مطلع هذه السورة بـ {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا} على جمع المؤنث السالم، وفي أواخرها بقوله على لسان الملائكة: {وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ} على جمع المذكر السالم. وتذكير الملائكة لفظا -بوجه عام- هو الذي يغلب في القرآن، ومنه قوله تعالى في غير هذا الموضع: {قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} وقوله: {فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ} .
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 216
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست