responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 218
المحدودة وأفق الوحي المبين، فما هو إلا بشر مثل سائر البشر، وإنما يمتاز عنهم بتلقيه أوامر ربه الذي يقذف في قبله نور النبوة والهداية[1]، وفي غضونها قول أصحاب الكهف: {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا} وقول المؤمن صاحب الجنتين البطر المغرور: {لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا} وقول العبد الصالح لموسى: {رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِيرَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فتلك جميعا آيات نواطق بوحدانية الله وعلمه الشامل الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء.
وإذا آثرنا الإلمام بهذه الحقائق الأولية ولم نفض فيها لمحنا في السورة موضوعا شديد الصلة بتلك الحقائق ينبثق عنها بأساليب طريفة جدا تكاد تصيره مستقلا فريدا: ذلك هو تصوير شئون الغيب، واقتطاعها من إطار العقيدة العام لتقابل بأسرارها العميقة كل ما ظهر أمره من قضايا الإيمان.
وفي السورة ثلاث أقاصيص تصحح عقائد المؤمنين في شئون الغيب، وتفصل لهم بين ما يرقى علمهم إليه وما لا يعرفونه إلا إذا كشف الله عن أبصارهم الغطاء: قصة أصحاب الكهف، وقصة موسى مع العبد الصالح، وقصة ذي القرنين في رحلاته الثلاث ولا سيما "بين السدين" مع يأجوج ومأجوج.
أما أصحاب الكهف فقد اختار القرآن لعرض قصتهم ثلاث لوحات حافلة بالحركة حتى في تصوير رقادهم الطويل: فمن عجب أن ترسم ريشة القرآن الخلاقة -في اللوحة الأولى- أولئك الفتية أيقاظا وهم رقود، إذ جعلتهم طوال النوم الذي ضرب على آذانهم أكثر من ثلاثة قرون[2] يتقلبون تقلب

[1] وذلك في قوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} . وقد علق عليه الطبري فقال: "يقول تعالى ذكره: قل لهؤلاء المشركين يا محمد: إنما أنا بشر مثلكم من بني آدم، لا علم لي إلا ما علمني الله، وإن الله يوحي إلي أن معبودكم الذي يجب عليكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا معبود واحد لا ثاني له ولا شريك" الطبري 16/ 31.
[2] قصة أصحاب الكهف عالمية، تعرفها المسيحية في أساطيرها الذهبية "Legende Doree" وقد كتب لها الانتشار حتى أطراف بلاد المغول، والرواية المسيحية لهذه القصة "التي كتبت بالسريانية في القرن الخامس الميلادي" تجعل عدد أولئك الفتية سبعة، وتجعل رقادهم في الكهف قرنين فقط, فقد بدأ رقادهم العجيب في عهد الامبراطور دقيانوس "بين عام 249 إلى 251" ثم استيقظوا في عهد ثيودوسيوس بعد ست وتسعين ومائة سنة.
انظر Massignon, Recherche sur la valeur eschatologique des Sept Dormants, dans Actes XXe congres des Orientalistes, 302.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 218
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست