responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 225
الألوان من الغموض إلا مقصودة في هذا السياق، فإن حديث القرآن عن ذي القرنين لا يشبه -ولا ينبغي أن يشبه- حديث كتاب في السيرة عن الفتوحات التي أتمها فاتح عظيم، وإنما يرسم القرآن -في غضون هذه الرحلات الثلاث- ملامح إنسان شديد الصلة بالله، لم يكن سلطانه بقوته الشخصية بل مكن الله له في الأرض، وآتاه من كل شيء سببا، وهتف به أو ألهمه أو أوحى إله -كما يريد- في الملمات ليوجهه أفضل الوجهات، حتى قال له عند العين الحمئة: {يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا} .
وتبدو صلته بالله شديدة وثقى في قوله للقوم -عند بناء السد: {مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي} ثم قوله عند انتهائه من هذا البناء: {هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا} [1].
وهكذا اختيرت تلك القصص الثلاث في سورة "الكهف" لمعالجة شئون الغيب، وردها جميعا إلى الذي يحفها بالأسرار، ولا يميط عنها اللثام إلا بمقدار، ولا يأذن لأحد برؤيتها إلا من وراء ستار.
وإذا صححنا الرواية التي تزعم أن أهل مكة بعثوا النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة لالتماس أسئلة منهم تحرج محمدًا صلى الله عليه وسلم، وأن أولئك الأحبار أغروا رسولي قريش بسؤال النبي الكريم "عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان لهم من حديث عجيب، وعن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه"[2]، تجلى لنا في هذه السورة عمق الدرس القرآني الذي اتجه إلى المؤمنين ينهاهم عن الرجم بالغيب، ويحذرهم من

[1] ومع ذلك خلط بعض جهلة المفسرين بين ذي القرنين المتدين المؤمن هذا والإسكندر المقدوني الوثني المشهور، وكان في خلطهم مادة للتعليق في أبحاث بعض المستشرقين. وانظر على سبيل المثال.
Decourdemanche "j. A." La legende d'Alexander chez les Musulmans, dans la Revue de l'Histoire des Religious, VI 1992, 98.
[2] وقارن بتفسير ابن كثير 3/ 71.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح    جلد : 1  صفحه : 225
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست