نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 244
بمجرد نزول الروح الأمين عليه ودنوه منه، كما يعلم مما ورد في نزول الوحي من الأحاديث الصحيحة، ولا يظهر فيه وجه تخصيص بعض السور بالتنبيه"[1]. ويرى السيد رشيد بعد ذلك "أن التنبيه إنما كان أولا وبالذات للمشركين في مكة ثم لأهل الكتاب في المدينة". ولم يكن يعلم بادئ الامر أن له سلفا في هذا التأويل، ثم وجده في القول الثاني عشر من التفسير الكبير للإمام الرازي الذي ينقل عن ابن روق[2] وقطرب[3]، "أن الكفار لما قالوا: {لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} وتواصوا بالإعراض عنه أراد الله تعالى لما أحب من صلاحهم ونفعهم أن يورد عليهم ما لا يعرفونه ليكون سببا لإسكاتهم واستماعهم لما يرد عليهم من القرآن فأنزل الله عليهم هذه الحروف: فكانوا إذا سمعوها قالوا كالمتعجبين: اسمعوا إلى ما يجيء به محمد، فإذا أصغوا هجم عليهم القرآن، فكان ذلك سببا لاستماعهم وطريقا إلى انتفاعهم"[4]، وقد أشار إلى هذا المعنى إشارة عابرة الزركشي في البرهان[5] والسيوطي في الإتقان[6] وكل من ابن جرير[7] وابن كثير[8] في تفسيريهما.
ويبقى السيد رشيد رضا في نظرنا خير من أوضح الغرض من افتتاح بعض السور القرآنية بهذه الحروف المقطعة. ونحن لذلك نقول معه مستعيرين عباراته بنصها: "من حسن البيان وبلاغة التعبير، التي غايتها إفهام المراد مع الإقناع والتأثير، أن ينبه المتكلم المخاطب إلى مهمات كلامه والمقاصد الأولى بها، [1] تفسير المنار 8/ 303. [2] هو محمد بن الحسن بن عبد الله بن روق الراسبي الروقي المحدث. توفي سنة 168. [3] قطرب هو محمد بن المستنير، من علماء اللغة المشهورين، كان على مذهب أهل البصرة، توفي سنة 206. [4] تفسير المنار 8/ 302. [5] البرهان 1/ 175. [6] الإتقان 2/ 17. [7] تفسير الطبري 1/ 69. [8] تفسير ابن كثير 1/ 37.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 244