نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 309
المجمل والمبين:
المجمل وهو ما لم تتضح دلالته[1]، أو هو -بعبارة أوضح- ما له دلالة على أحد أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر بالنسبة إليه. وقد أنكر داود الظاهري[2] وقوعه في القرآن[3]، والأصح وقوعه غير أنه لا يبقى على إجماله ولا سيما في الأمور التي شعرها الله لعباده وأمرهم بها.
وفي إجمال النص ضرب من الغموض ينشأ من أحد الأسباب الآتية:
غرابة لفظه: "كالهلوع" فقد فسره السياق القرآني في قوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا، إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا، وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا} [4].
أو وقوع الاشتراك فيه، كلفظ "عسعس" في قوله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَس} [5] فإنه صالح لإفادة الإقبال والإدبار[6]. أو اختلاف مرجع الضمير, نحو {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [7] يحتمل عود ضمير الفاعل في "يرفعه" إلى ما عاد عليه ضمير "إليه" وهو الله, ويحتمل عوده إلى العمل، والمعنى: أن العمل الصالح هو الذي يرفعه الكلم الطيب، ويحتمل عوده إلى الكلم أي: إن الكلم الطيب -وهو التوحيد- يرفع العمل الصالح، لأنه لا يصح العمل إلا مع الإيمان[8].
أو التقديم والتأخير، نحو {وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُسَمّىً} [9] أي: ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما[10].
على أن هذا الغموض العارض الناشئ عن تردد المجمل بين أمرين لا يلبث أن يزول, فإذا ورد عليه بيانه سمي مفصلا أو مفسرًا أو مبينا. [1] الإتقان 2/ 30. [2] هو إمام أهل الظاهر داود بن علي بن خلف الأصبهاني, أبو سليمان، المعروف بالظاهري، إليه انتهت رئاسة العلم ببغداد، توفي سنة 270هـ "وفيات الأعيان 1/ 176". [3] الإتقان 2/ 30. [4] سورة المعارج 19-21 "وانظر البرهان 2/ 176". [5] سورة التكوير 17. [6] الإتقان 2/ 30. [7] سورة فاطر 10. [8] الإتقان 2/ 30. [9] سورة طه 129. [10] الإتقان 2/ 31.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 309