نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 62
بنظرته الشاملة أسرارها، كلها وخفاياها، وإنما نجتزئ هنا بتنزل قرآني واحد على سبيل المثال، لقد كلف الله الصحابة الأولين، ضروب المشقات وألوانها فتحملوها مختارين، ولكنه في آية واحدة حمل عليهم إصرا كبيرا, وحملهم ما لا طاقة لهم به، حتى جثوا على ركبهم دهشة وذهولًا، حين أنزل قوله الكريم: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} [1]، فعجبوا كيف يحاسبهم الله على ما همت به أنفسهم ولم يعملوه، وأتوا رسول الله يقولون: قد أنزل الله عليك هذه الآية ولانطيقها! وإذا الوحي يتنزل بالتخفيف والتيسير, ويعلن مبدأه السمح الصريح: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} ! [2].
وبعد.. لئن كان تصوير الوحي لشخص الرسول دليلا وجدانيا على صدقه عليه الصلاة والسلام، لعمري إنه في تدرج نروله برهان منطقي دامغ على أن هذا الكتاب المجيد كلام الله العليم الحكيم، أنزله على رسوله هدى وموعظة وتبيانا لكل شيء. [1] البقرة 284. [2] البقرة 286. وقارن بأسباب النزول 26.وقد ظن السيوطي هنا أن هذه الآية نسخت الآية السابقة، وأما نعد هذا ضربا من تزيد العلماء في باب النسخ، وسنوضح في فصل "الناسخ والمنسوخ" بعض ما أقحمه المفسرون فيه.
نام کتاب : مباحث في علوم القرآن نویسنده : صبحي الصالح جلد : 1 صفحه : 62