هناك أن في ثلاثتها قصورا عن أن تشمل جميع القراءات المتواترة وإن كانت قريبة من القول المختار. ثم بينها تداخل يتعذر أو يتعسر معه اعتبارها أقوالا مستقلة.
القول الثامن
أن المراد بالأحرف السبعة وجوه ترجع إلى كيفية النطق بالتلاوة من إدغام وإظهار وتفخيم وترقيق وإمالة وإشباع ومد وقصر وتشديد وتخفيف وتليين.
وهو مدفوع بأنه قد زاد فيما عده على سبعة. وإذا أجاب بأن السبعة غير مراد بها حقيقتها وأنها مثل في الكثرة فقد علمت ما فيه. ثم إن الأوجه التي ذكرها واحدا واحدا ترجع كلها إلى نوع واحد هو اختلاف اللهجات وكيفيات النطق وحدها فلا تشمل القراءات التي ترجع إلى اختلاف نفس الألفاظ بالإبدال أو التقديم والتأخير أو النقص والزيادة ونحو ذلك. وفي هذا القصور ما فيه على أكثر مما أسلفنا في رد تلك الآراء القاصرة.
القول التاسع
وهو أن المراد بالأحرف السبعة أوجه من الألفاظ المختلفة في كلمة واحدة ومعنى واحدا وإن شئت فقل: سبع لغات من لغات العرب المشهورة في كلمة واحدة ومعنى واحد نحو هلم وأقبل وتعال وعجل وأسرع وقصدي ونحوي فهذه ألفاظ سبعة معناها واحد هو طلب الإقبال. وهذا القول منسوب لجمهور أهل الفقه والحديث منهم سفيان وابن وهب وابن جرير الطبري والطحاوي. وحجتهم ما جاء في حديث أبي بكرة من قوله صلى الله عليه وسلم: "كلها شاف كاف ما لم تختم آية عذاب برحمة الله ولا آية رحمة بعذاب" نحو قولك: تعال وأقبل وهلم واذهب وأسرع وعجل. وما جاء في حديث أبي بن كعب أنه كان يقرأ {كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ} ،