responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مناهل العرفان في علوم القرآن نویسنده : الزرقاني، محمد عبد العظيم    جلد : 1  صفحه : 209
2- وأما زعمهم أن في القسم المكي سبابا ويريدون من السباب معناه المعروف عندهم من القحة والبذاءة والخروج عن حدود الأدب واللياقة فقد {كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} . ونحن نتحداهم أن يأتوا بمثال واحد في القرآن كله مكيه ومدنيه يكون من هذا اللون القذر الرخيص. وهل يعقل أن القرآن الذي جاء يعلم الناس أصول الآداب يخرج هو عن أصول الآداب إلى السباب؟ كيف وقد حرم على أتباعه المسلمين أن يسبوا أعداءه المشركين؟ فقال في سورة الأنعام: {وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ} .
نعم إن في القرآن كله لا في القسم المكي وحده تسفيها لأحلام المتنطعين الذين يصمون آذانهم ويغمضون أعينهم عن الحق ويهملون الحجج والبراهين وهو في ذلك شديد عنيف بيد أنه في شدته وعنفه لم يخرج عن جادة الأدب ولم يعدل عن سنن الحق ولم يصدف عن سبيل الحكمة. بل الحكمة تتقاضاه أن يشتد مع هؤلاء لأنهم يستحقون الشدة ومن مصلحتهم هم ومن الرحمة بهم والخير لهم أن يشتد عليهم ليرعووا عن باطلهم ويصيخوا إلى صوت الحق والرشد ويسيروا على هدى الدليل والحجة على حد قول القائل:
فقسا ليزدجروا ومن يك حازما ... فليقس أحيانا على من يرحم
أضف إلى ذلك أن هذا التفريع الحكيم تجده في السور المدنية كما تجده في السور المكية. وإن كان في المكي أكثر من المدني لأن أهل مكة كانوا أشداء العارضة صعاب المراس مسرفين في العناد والإباء لم يتركوا بابا من الشر إلا دخلوه على الرسول وأصحابه ولم يكفهم أن يخرج من بلده وأهله بليل بل وجهوا إليه الأذى في مهاجره.

نام کتاب : مناهل العرفان في علوم القرآن نویسنده : الزرقاني، محمد عبد العظيم    جلد : 1  صفحه : 209
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست