الْمُبْطِلُونَ بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآياتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ} .
قال العلامة الألوسي بعد تفسيره لهذه الآية ما نصه: واختلف في أنه صلى الله عليه وسلم أكان بعد النبوة يقرأ ويكتب أم لا فقيل إنه عليه الصلاة والسلام لم يكن يحسن الكتابة واختاره البغوي في التهذيب وقال: إنه الأصح. وادعى بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم صار يعلم الكتابة بعد أن كان لا يعلمها وعدم معرفتها بسبب المعجزة لهذه الآية فلما نزل القرآن واشتهر الإسلام وظهر أمر الارتياب[1] تعرف الكتابة حينئذ. وروى ابن أبي شيبة وغيره: ما مات صلى الله عليه وسلم حتى كتب وقرأ ونقل هذا للشعبي فصدقه وقال: سمعت أقواما يقولونه وليس في الآية ما ينافيه. وروى ابن ماجه عن أنس قال: قال صلى الله عليه وسلم: "رأيت ليلة أسري بي مكتوبا على باب الجنة: الصدقة بعشر أمثالها والقرض بثمانية عشر".
ثم قال: ويشهد للكتابة أحاديث في صحيح البخاري وغيره كما ورد في صلح الحديبية: فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن يكتب فكتب: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله الحديث.
وممن ذهب إلى ذلك أبو ذر عبد بن أحمد الهروي وأبو الفتح النيسابوري وأبو الوليد الباجي من المغاربة وحكاه عن السمناني. وصنف فيه كتابا وسبقه إليه ابن منية. ولما قال أبو الوليد ذلك طعن فيه ورمي بالزندقة وسب على المنابر ثم عقد له مجلس فأقام الحجة على مدعاه وكتب به إلى علماء الأطراف فأجابوا بما يوافقه ومعرفة الكتاب بعد أميته صلى الله عليه وسلم لا تنافي المعجزة بل هي معجزة أخرى لكونها من غير تعليم. [1] لعل مراده بهذه الكلمة, ظهور فساد الارتياب وأنه لا قيمة له.