الفائدة السادسة:
حمل الناس على أن يتلقوا القرآن من صدور ثقات الرجال ولا يتكلوا على هذا الرسم العثماني الذي جاء غير مطابق للنطق الصحيح في الجملة. وينضوي تحت هذه الفائدة مزيتان إحداهما التوثق من ألفاظ القرآن وطريقة أدائه وحسن ترتيله وتجويده. فإن ذلك لا يمكن أن يعرف على وجه اليقين من المصحف مهما تكن قاعدة رسمه واصطلاح كتابته. فقد تخطئ المطبعة في الطبع وقد يخفى على القارئ بعض أحكام تجويده كالقلقلة والإظهار والإخفاء والإدغام والروم والإشمام ونحوها فضلا عن خفاء تطبيقها.
ولهذا قرر العلماء أنه لا يجوز التعويل على المصاحف وحدها. بل لا بد من التثبت في الأداء والقراءة بالأخذ عن حافظ ثقة. وإن كنت في شك فقل لي بربك: هل يستطيع المصحف وحده بأي رسم يكون أن يدل قارئا أيا كان على النطق الصحيح بفواتح السور الكريمة؟ مثل {كهيعص، حم، عسق طسم} ؟ ومن هذا الباب الروم والإشمام في قوله سبحانه {مَا لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ} من كلمة {لا تَأْمَنَّا} .
المزية الثانية اتصال السند برسول الله صلى الله عليه وسلم وتلك خاصة من خواص هذه الأمة الإسلامية امتازت بها على سائر الأمم.
قال ابن حزم: نقل الثقة عن الثقة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم مع الاتصال خص الله به المسلمين دون سائر الملل. وأما مع الإرسال والإعضال فيوجد في كثير من كتب اليهود ولكن لا يقربون فيه من موسى قربنا من محمد صلى الله عليه وسلم. بل يقفون بحيث يكون بينهم وبين موسى أكثر من ثلاثين عصرا. إنما يبلغون إلى شمعون ونحوه. ثم قال: وأما النصارى فليس عندهم من صفة هذا النقل إلا تحريم الطلاق. وأما