الشبهة الثانية:
يقولون: روي عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} ويقول هو من لحن الكتاب.
والجواب: على غرار ما سبق أي أن ابن جبير لا يريد بكلمة لحن الخطأ. إنما يريد بها اللغة والوجه في القراءة على حد قوله تعالى: {وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ} . والدليل على هذا التوجيه أن سعيد بن جبير نفسه كان يقرأ: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} فلو كان يريد باللحن الخطأ ما رضي لنفسه هذه القراءة. وكيف يرضى ما يعتقد أنه خطأ؟
وهذه الكلمة في آية من سورة النساء ونصها: {لَكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولَئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً} فكلمة {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ} قرأها الجمهور بالياء منصوبا كما ترى. وقرأها جماعة بالواو منهم أبو عمرو في رواية يونس وهارون عنه. ولكل من القراءتين وجه صحيح فصيح في اللغة العربية فالنصب مخرج على المدح والتقدير وأمدح المقيمين الصلاة. والرفع مخرج على العطف والمعطوف عليه مرفوع كما ترى.
الشبهة الثالثة:
يقولون: ألا يكفي في الطعن على جمع القرآن ورسمه ما روي عن ابن عباس في قوله تعالى. {حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا} أنه قال: إن الكاتب أخطأ والصواب: حتى تستأذنوا.