لدين الله المهيمنين عليه لا يغفلون عن جلائله ودقائقه خصوصا عن القانون الذي إليه المرجع والقاعدة التي أقيم عليها البناء؟ هذا والله فرية ما فيها مرية اهـ. وقال الفراء: لا يتلى إلا كما أنزل: {أَفَلَمْ يَيْأَسِ} اهـ. وعلى ذلك تكون رواية ذلك في الدر المنثور وغيره عن ابن عباس رواية غير صحيحة. ومعنى {أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا} : أفلم يعلموا قال القاسم بن معن: هي لغة هوازن. وجاء بها الشعر العربي في قول القائل:
أقول لهم بالشعب إذ يأسرونني ... ألم تيأسوا إني ابن فارس زهدم1
أي ألم تعلموا.
الشبهة الخامسة:
يقولون: من وجوه الطعن أيضا ما روي عن ابن عباس أنه كان يقول في قوله تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} إنما هي ووصى ربك التزقت الواو بالصاد وكان يقرأ: ووصى ربك ويقول: أمر ربك إنهما واوان التصقت إحداهما بالصاد وروي عنه أنه قال: أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم. ووصى ربك ألا تعبدوا إلا إياه. فلصقت إحدى الواوين بالصاد فقرأ الناس: {وَقَضَى رَبُّكَ} ولو نزلت على القضاء ما أشرك أحد.
ونجيب: عن ذلك كله أولا بما أجاب به ابن الأنباري إذ يقول: إن هذه الروايات ضعيفة.
1 قال في القاموس: زهدم كجعفر: فرس لعنترة, وفرس لبشر بن عمرو الرياحي- إلى أن قال- والزهدمان أخوان من عبس: زهدم, وكردم.