الشبهة الثامنة:
يقولون: روي عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: سألت عائشة عن لحن القرآن عن قوله تعالى: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} وعن قوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} وعن قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} . فقالت: يا بن أخي هذا من عمل الكتاب قد أخطئوا في الكتاب. قال السيوطي في هذا الخبر إسناده صحيح على شرط الشيخين. ويقولون أيضا: روي عن أبي خلف مولى بني جمح أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة فقال: جئت أسألك عن آية في كتاب الله كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها؟ قالت: أية آية؟ قال: {الَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا} أو "الّذِينَ يَأتُون مَا أَتوا". قالت: أيهما أحب إليك؟ قلت: والذي نفسي بيده لإحداهما أحب إلي من الدنيا جميعا. قالت: أيهما؟ قلت: "الذين يأتون ما أتوا". فقال: أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف.
ونجيب: أولا: بأن هذه الروايات مهما يكن سندها صحيحا فإنها مخالفة للمتواتر القاطع ومعارض القاطع ساقط مردود فلا يلتفت إليها ولا يعمل بها.
ثانيا: أنه قد نص في كتاب إتحاف فضلاء البشر على أن لفظ هذان قد رسم في المصحف من غير ألف ولا ياء ليحتمل وجوه القراءات الأربع فيها كما شرحنا ذلك سابقا في فوائد رسم المصحف. وإذن فلا يعقل أن يقال أخطأ الكاتب فإن الكاتب لم يكتب ألفا ولا ياء. ولو كان هناك خطأ تعتقده عائشة ما كانت تنسبه للكاتب بل كانت تنسبه لمن يقرأ بتشديد إن وبالألف لفظا في هذان. ولم ينقل عن عائشة ولا عن غيرها تخطئة من قرأ بما ذكر وكيف تنكر هذه القراءة وهي متواترة مجمع عليها؟ بل هي قراءة الأكثر ولها وجه فصيح في العربية لا يخفى على مثل عائشة. ذلك هو إلزام المثنى الألف في جميع حالاته. وجاء منه قول الشاعر العربي:-