ولا يلحظ هذا في معنى الصحف وإن كان يصح استعمال كلا اللفظين في كلا المعنيين استعمالا متوسعا فيه.
هذا في أصل اللغة أما في الاصطلاح فالمراد بالصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر وكانت سورا مرتبة آياتها فقط كل سورة على حدة لكن لم يترتب بعضها إثر بعض. والمراد بالمصحف اصطلاحا الأوراق التي جمع فيها القرآن مع ترتيب آياته وسوره جميعا على الوجه الذي أجمعت عليه الأمة أيام عثمان رضي الله عنه. وقد أطلق بعضهم لفظ المصحف على صحف أبي بكر وتوجيهه لا يخفى.
ولقد بقيت الصحف عند أبي بكر حتى حضرته الوفاة فدفعها إلى عمر لأنه وصى له بالعهد ولما مات عمر انتقلت إلى ابنته أم المؤمنين حفصة بوصية من عمر ثم طلبها عثمان ونسخ المصاحف منها وردها إليها وبقيت عندها حتى توفيت رضي الله عنها.
وقد حضر جنازتها مروان والي المدينة وقتئذ ورغب إلى أخيها عبد الله بن عمر أن يبعث إليه بالصحف فبعثها إليه وكان مروان قد طلبها من السيدة حفصة من قبل فأبت رضي الله عنها. أخرج ابن أبي داود في رواية أن مروان أحرق هذه الصحف؟ وفي رواية أنه غسلها وفي رواية شققها. ولا مانع من الجمع بين هذه الروايات الثلاث بأنه غسلها أولا ثم شققها ثانيا ثم أحرقها أخيرا مبالغة في التكريم والمحو كما روي أنه قال: إنما فعلت هذا لأني خشيت إن طال بالناس زمان أن يرتاب في شأن هذه الصحف مرتاب أي يظن أن فيها ما يخالف المصاحف فإنها كانت صحفا منثورة لا تأخذ شكل المصاحف المجموعة المنظومة.
عدد المصاحف
اختلفوا في عدد المصاحف التي استنسخها عثمان رضي الله عنه فصوب ابن عاشر