البزي وقنبل وهشام إن تلك غير مشهورة ولا مستفاضة وإن لم تكن متواترة؟ هذا كلام من لم يدر ما يقول حاشا الإمام أبا شامة منه. وأنا من فرط اعتقادي فيه أكاد أجزم بأنه ليس من كلامه في شيء. ربما يكون بعض الجهلة المتعصبين ألحقه بكتابه أو أنه ألف هذا الكتاب أول أمره كما يقع لكثير من المصنفين. وإلا فهو في غيره من مصنفاته كشرحه على الشاطبية بالغ في الانتصار والتوجيه لقراءة حمزة والأرحام بالخفض والفصل بين المتضايفين. ثم قال في الفصل: ولا التفات إلى قول من زعم أنه لم يأت في الكلام مثله لأنه ناف ومن أسند هذه القراءة مثبت والإثبات مرجح على النفي بالإجماع. قال: ولو نقل إلى هذا الزاعم عن العرب أنه استعمله في النثر لرجع عن قوله. فما باله ما يكتفي بناقلي القراءة من التابعين عن الصحابة رضي الله عنهم ثم أخذ في تقرير ذلك. قلت: هذا الكلام مباين لما تقدم وليس منه في شيء. وهو الأليق بمثله رحمه الله.
ثم قال أبو شامة في المرشد بعد ذلك القول: فالحاصل أنا لسنا ممن يلتزم التواتر في جميع الألفاظ المختلف فيها. قلت: ونحن كذلك لكن في القليل منها كما تقدم في الباب الثاني[1].
قال: وغاية ما يبديه مدعي تواتر المشهور منها كإدغام أبي عمرو ونقل الحركة لورش وصلة ميم الجمع وها الكناية لابن كثير أنه متواتر عن ذلك الإمام الذي نسبت تلك القراءة إليه بعد أن يجهد نفسه في استواء الطرفين والواسطة إلا أنه بقي عليه التواتر [1] يشير بذلك إلى مثل قراءة هشام {أَفْئِدَةُ} بياء بعد الهمز. فإنه اعتبره صحيحا مقطوعا به وإن لم يتواتر, لأن استفاضته وموافقته الرسم والعربية قرائن مثلها يفيد العلم في غير المتواتر. انظر المنجد ص 19.