مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
العربیة
راهنمای کتابخانه
جستجوی پیشرفته
همه کتابخانه ها
صفحهاصلی
علوم القرآن
الفقه
علوم الحديث
الآدب
العقيدة
التاریخ و السیرة
الرقاق والآداب والأذكار
الدعوة وأحوال المسلمين
الجوامع والمجلات ونحوها
الأشخاص
علوم أخرى
فهارس الكتب والأدلة
مرقم آلیا
همهگروهها
نویسندگان
الحدیث
علوم الحديث
العلل والسؤالات
التراجم والطبقات
الأنساب
همهگروهها
نویسندگان
متون الحديث
الأجزاء الحديثية
مخطوطات حديثية
شروح الحديث
كتب التخريج والزوائد
همهگروهها
نویسندگان
مدرسه فقاهت
کتابخانه مدرسه فقاهت
کتابخانه تصویری (اصلی)
کتابخانه اهل سنت
کتابخانه تصویری (اهل سنت)
ویکی فقه
ویکی پرسش
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
بعدی»
آخر»»
نام کتاب :
الرد على الجهمية
نویسنده :
الدارمي، أبو سعيد
جلد :
1
صفحه :
92
146 - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ حُمَيْدٍ، قَالَ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ كَعْبٍ الْقُرَظِيَّ -[93]-، يُحَدِّثُ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: " §فَإِذَا فَرَغَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، أَقْبَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] . فَسَلَّمَ عَلَى أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي أَوَّلِ دَرَجَةٍ، فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ السَّلَامَ. قَالَ الْقُرَظِيُّ: وَهَذَا فِي الْقُرْآنِ {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] . فَيَقُولُ: سَلُونِي قَالَ: فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ فِي دَرَجِهِمْ حَتَّى يَسْتَوِيَ فِي مَجْلِسِهِ، ثُمَّ يَأْتِيهِمُ التُّحَفُ مِنَ اللَّهِ تَحْمِلُهَا الْمَلَائِكَةُ إِلَيْهِمْ
147 - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ قَدْ جَاءَتْ كُلُّهَا وَأَكْثَرُ مِنْهَا فِي نُزُولِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ، وَعَلَى تَصْدِيقِهَا وَالْإِيمَانِ بِهَا أَدْرَكْنَا أَهْلَ الْفِقْهِ وَالْبَصَرِ مِنْ مَشَايِخِنَا، لَا يُنْكِرُهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ وَلَا يَمْتَنِعُ مِنْ رِوَايَتِهَا، حَتَّى ظَهَرَتْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ فَعَارَضَتْ آثَارَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِرَدٍّ، وَتَشَمَّرُوا لِدَفْعِهَا بِجَدٍّ، فَقَالُوا: كَيْفَ نُزُولُهُ هَذَا؟ قُلْنَا: لَمْ نُكَلَّفْ مَعْرِفَةَ كَيْفِيَّةِ نُزُولِهِ فِي دِينِنَا، وَلَا تَعْقِلُهُ قُلُوبُنَا، وَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ مِنْ خَلْقِهِ فَنُشَبِّهَ مِنْهُ فِعْلًا أَوْ صِفَةً بِفِعَالِهِمْ وَصِفَتِهِمْ، وَلَكِنْ يَنْزِلُ بِقُدْرَتِهِ وَلُطْفِ رُبُوبِيَّتِهِ كَيْفَ يَشَاءُ، فَالْكَيْفُ مِنْهُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالْإِيمَانُ بِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُزُولِهِ وَاجِبٌ، وَلَا يُسْأَلُ الرَّبُّ عَمَّا يَفْعَلُ كَيْفَ يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ، لِأَنَّهُ الْقَادِرُ عَلَى مَا يَشَاءُ أَنْ يَفْعَلَهُ كَيْفَ -[94]- يَشَاءُ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لِفِعْلِ الْمَخْلُوقِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَا قُدْرَةَ لَهُ إِلَّا مَا أَقْدَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ: كَيْفَ يَصْنَعُ؟ وَكَيْفَ قَدَرَ؟ .
148 - وَلَوْ قَدْ آمَنْتُمْ بِاسْتِوَاءِ الرَّبِّ عَلَى عَرْشِهِ، وَارْتِفَاعِهِ فَوْقَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ بَدْءًا إِذْ خَلَقَهَا، كَإِيمَانِ الْمُصَلِّينَ بِهِ، لَقُلْنَا لَكُمْ: لَيْسَ نُزُولُهُ مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ بِأَشَدَّ عَلَيْهِ، وَلَا بِأَعْجَبَ مِنَ اسْتِوَائِهِ عَلَيْهَا إِذْ خَلَقَهَا بَدْءًا، فَكَمَا قَدَرَ عَلَى الْأُولَى مِنْهُمَا كَيْفَ يَشَاءُ، فَكَذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَى الْأُخْرَى كَيْفَ يَشَاءُ.
149 - وَلَيْسَ قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نُزُولِهِ بِأَعْجَبَ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 210] . وَمِنْ قَوْلِهِ: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] . فَكَمَا يَقْدِرُ عَلَى هَذَا يَقْدِرُ عَلَى ذَاكَ.
150 - فَهَذَا النَّاطِقُ مِنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَذَاكَ الْمَحْفُوظُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَخْبَارٍ لَيْسَ عَلَيْهَا غُبَارٌ، فَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ الْمُؤْمِنِينَ، لَزِمَكُمُ الْإِيمَانُ بِهَا، كَمَا آمَنَ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ، وَإِلَّا فَصَرِّحُوا بِمَا تُضْمِرُونَ، وَدَعُوا هَذِهِ الْأُغْلُوطَاتِ الَّتِي تَلْوُونَ بِهَا أَلْسِنَتَكُمْ، فَلَئِنْ كَانَ أَهْلُ الْجَهْلِ فِي شَكٍّ مِنْ أَمْرِكُمْ، إِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَمْرِكُمْ لَعَلَى يَقِينٍ.
151 - قَالَ: فَقَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ: مَعْنَى إِتْيَانِهِ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ، وَمَجِيئِهِ وَالْمَلَكِ صَفًّا صَفًّا، كَمَعْنَى كَذَا وَكَذَا.
-[95]-
152 - قُلْتُ: هَذَا التَّكْذِيبُ بِالْآيَةِ صُرَاحًا، تِلْكَ مَعْنَاهَا بَيِّنٌ لِلْأُمَّةِ، لَا اخْتِلَافَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعْنَاهَا الْمَفْهُومِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَمَّا مَجِيئُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَإِتْيَانُهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ، فَلَا اخْتِلَافَ بَيْنَ الْأُمَّةِ أَنَّهُ إِنَّمَا يَأْتِيهِمْ يَوْمَئِذٍ كَذَلِكَ لِمُحَاسَبَتِهِمْ، وَلِيَصْدَعِ بَيْنَ خَلْقِهِ وَيُقَرِّرَهُمْ بِأَعْمَالِهِمْ، وَيَجْزِيَهُمْ بِهَا، وَلِيُنْصِفَ الْمَظْلُومَ مِنَ الظَّالِمِ، لَا يَتَوَلَّى ذَلِكَ أَحَدٌ غَيْرُهُ تَبَارَكَ اسْمُهُ وَتَعَالَى جَدَّهُ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِذَلِكَ لَمْ يُؤْمِنْ بِيَوْمِ الْحِسَابِ.
153 - وَلَكِنْ إِنْ كُنْتُمْ مُحِقِّينَ فِي تَأْوِيلِكُمْ هَذَا وَمَا ادَّعَيْتُمْ مِنْ بَاطِلِكُمْ، وَلَسْتُمْ كَذَلِكَ، فَأْتُوا بِحَدِيثٍ يُقَوِّي مَذْهَبَكُمْ فِيهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ بِتَفْسِيرٍ تَأْثُرُونَهُ صَحِيحًا عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ أَوِ التَّابِعِينَ كَمَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ عَنْهُمْ نَحْنُ لِمَذْهَبِنَا، وَإِلَّا فَمَتَى نَزَلَتِ الْجَهْمِيَّةُ مِنَ الْعِلْمِ بِكِتَابِ اللَّهِ وَبِتَفْسِيرِهِ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي يَجِبُ عَلَى النَّاسِ قَبُولُ قَوْلِهِمْ فِيهِ، وَتَرْكُ مَا يُؤْثَرُ مِنْ خِلَافِهِمْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ، وَعَنِ التَّابِعِينَ بَعْدَهُمْ.
154 - هَذَا حَدَثٌ كَبِيرٌ فِي الْإِسْلَامِ، وَظُلْمٌ عَظِيمٌ أَنْ يَتْبَعَ تَفْسِيرُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ بِلَا أَثَرٍ، وَيُتْرَكَ الْمَأْثُورُ فِيهِ الصَّحِيحُ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ؟ .
155 - وَمَتَى مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تُجَامِعُوا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي مَجَالِسِهِمْ، أَوْ تَنْتَحِلُوا شَيْئًا مِنَ الْعِلْمِ فِي آبَادِ الدَّهْرِ إِلَّا مُنَافِقَةً وَاسْتِتَارًا، حَتَّى تَتَقَلَّدُوا -[96]- الْيَوْمَ مِنْ تَفْسِيرِ كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ يَتَوَقَّى أَوْضَحَ مِنْهُ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ لَقَدْ عَدَوْتُمْ طَوْرَكُمْ، وَأَنْزَلْتُمْ أَنْفُسَكُمُ الْمَنْزِلَةَ الَّتِي بَعَّدَكُمُ اللَّهُ مِنْهَا، ثُمَّ الْمُسْلِمُونَ.
156 - وَلَوْ لَمْ يُوجَدْ فِيهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا عَنْ أَصْحَابِهِ خَبَرٌ وَلَا أَثَرٌ لَمْ تَكُونُوا مُؤْتَمَنِينَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَتَفْسِيرِهِ أَنْ يُلْتَفَتَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ أَقَاوِيلِكُمْ، أَوْ يُعْتَمَدَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ تَفْسِيرِكُمْ كِتَابَ اللَّهِ، لِمَا ظَهَرَ لِلْأُمَّةِ مِنْ إِلْحَادِكُمْ، فَكَيْفَ إِذَا هُمْ خَالَفُوكُمْ؟ .
157 - قَالَ أَبُو سَعِيدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: وَمِمَّا يَرُدُّ هَذَا وَيُبْطِلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ} [الأنعام: 158] الْآيَةُ. فَهَذَا مِمَّا يُحَقِّقُ دَعْوَانَا وَيُبْطِلُ دَعْوَاكُمُ الَّتِي تَخَرَّصْتُمُوهَا عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ فِي إِتْيَانِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَجِيئِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا.
158 - فَإِنْ أَبَيْتُمْ إِلَّا لُزُومًا لِتَفْسِيرِكُمْ هَذَا، وَمُخَالَفَةً لِمَا احْتَجَجْنَا بِهِ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَآثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ مِنَ الرُّسُوخِ فِي الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يُعْتَمَدُ فِيهِ عَلَى تَفْسِيرِكُمْ لَوْ قَدْ أَصَبْتُمُ الْحَقَّ، فَكَيْفَ إِذَا أَنْتُمْ أَخْطَأْتُمُوهُ.
159 - وَلَكِنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ حُجَّةٌ وَاضِحَةٌ يَعْقِلُهَا مَنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ النِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّا قَدْ أَتَيْنَاكُمْ بِهَذِهِ الرِّوَايَاتِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، مَنْصُوصَةً صَحِيحَةً عَنْهُمْ، أَنَّ اللَّهَ -[97]- تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْزِلُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَدْ عَلِمْتُمْ يَقِينًا أَنَّا لَمْ نَخْتَرِعْ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ، وَلَمْ نَفْتَعَلْهَا، بَلْ رُوِّينَاهَا عَنِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِينَ الَّذِينَ نَقَلُوا أُصُولَ الدِّينِ وَفُرُوعَهُ إِلَى الْأَنَامِ، وَكَانَتْ مُسْتَفِيضَةً فِي أَيْدِيهِمْ، يَتَنَافَسُونَ فِيهَا، وَيَتَزَيَّنُونَ بِرِوَايَتِهَا، وَيَحْتَجُّونَ بِهَا عَلَى مَنْ خَالَفَهَا، قَدْ عَلِمْتُمْ ذَلِكَ وَرُوِّيتُمُوهَا كَمَا رُوِّينَاهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَائْتُوا بِبَعْضِهَا، أَنَّهُ لَا يَنْزِلُ مَنْصُوصًا كَمَا رُوِّينَا عَنْهُمُ النُّزُولَ مَنْصُوصًا، حَتَّى يَكُونَ بَعْضُ مَا تَأْتُونَ بِهِ ضِدًّا لِبَعْضِ مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِلَّا لِمَ يُدْفَعُ إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ وَمَا ثَبَتَ عَنْهُمْ فِي النُّزُولِ مَنْصُوصًا بِلَا ضِدٍّ مَنْصُوصٍ مِنْ قَوْلِهِمْ، أَوْ مِنْ قَوْلِ نُظَرَائِهِمْ، وَلِمَ يُدْفَعُ شَيْءٌ بِلَا شَيْءٍ، لِأَنَّ أَقَاوِيلَهُمْ وَرِوَايَاتِهِمْ شَيْءٌ لَازِمٌ وَأَصْلٌ مَنِيعٌ، وَأَقَاوِيلَكُمْ رِيحٌ لَيْسَتْ بشَيْءٍ، وَلَا يُلْزِمُ أَحَدًا مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا أَنْ تَأْتُوا فِيهَا بِأَثَرٍ ثَابِتٍ مُسْتَفِيضٍ فِي الْأُمَّةِ كَاسْتِفَاضَةِ مَا رُوِّينَا عَنْهُمْ، وَلَنْ تَأْتُوا بِهِ أَبَدًا، هَذَا وَاضِحٌ بَيِّنٌ يَعْقِلُهُ كَثِيرٌ مِنْ ضُعَفَاءِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، وَتَعْقِلُونَهُ أَنْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ لَكُمْ مِنَ الْغَفْلَةِ كُلُّ مَا لَا تَعْلَمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْحُجَجَ آخِذَةٌ بِحُلُوقِكُمْ، غَيْرَ أَنَّكُمْ تَقْصِدُونَ شَيْئًا لَا يَنْقَادُ إِلَّا بِدَفْعِ هَذِهِ الْحُجَجِ وَالْآثَارِ كُلِّهَا، تَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَهَكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَاقِعٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، لَا حَدَّ لَهُ وَلَا مُنْتَهَى عِنْدَكُمْ، وَلَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ بِزَعْمِكُمْ.
160 - ثُمَّ قُلْتُمْ: إِنَّمَا يُوصَفُ بِالنُّزُولِ مَنْ هُوَ فِي مَكَانٍ دُونَ مَكَانٍ، فَأَمَّا مَنْ هُوَ فِي كُلِّ مَكَانٍ فَكَيْفَ يَنْزِلُ إِلَى مَكَانٍ؟ .
-[98]-
161 - قُلْنَا: هَذِهِ صِفَةٌ خِلَافُ صِفَةِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا نَعْرِفُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ شَيْئًا إِلَّا هَذَا الْهَوَاءَ الدَّاخِلَ فِي كُلِّ مَكَانٍ، النَّازِلَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَهَكُمُ الَّذِي تَعْبُدُونَ، فَقَدْ غَلَبَكُمْ عَنْ عِبَادَةِ اللَّهِ رَأْسًا، وَصِرْتُمْ فِي عِبَادَةِ مَا تَعْبُدُونَ أَسْوَأَ مَنْزِلَةً مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَعِبَادَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، لِأَنَّ كُلَّ صِنْفٍ مِنْهُمْ عَبَدَ شَيْئًا هُوَ عِنْدَ الْخَلْقِ شَيْءٌ، وَعَبَدْتُمْ أَنْتُمْ شَيْئًا هُوَ عِنْدَ الْخَلْقِ لَا شَيْءَ، لِأَنَّ الْكَلِمَةَ قَدِ اتَّفَقَتْ مِنَ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ أَنَّ الشَّيْءَ لَا يَكُونُ إِلَّا بِحَدٍّ وَصِفَةٍ، وَأَنْ لَا شَيْءَ لَيْسَ لَهُ حَدٌّ وَلَا صِفَةٌ، فَلِذَلِكَ قُلْتُمْ: لَا حَدَّ لَهُ، وَقَدْ أَكْذَبَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى، فَسَمَّى نَفْسَهُ: أَكْبَرَ الْأَشْيَاءِ، وَأَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ، وَخَلَّاقَ الْأَشْيَاءِ. قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ} [الأنعام: 19] . وَقَالَ {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88] . فَهُوَ سَمَّى نَفْسَهُ: أَكْبَرَ الْأَشْيَاءِ، وَأَعْظَمَ الْأَشْيَاءِ، وَخَلَّاقَ الْأَشْيَاءِ، وَلَهُ حَدٌّ، وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَا غَيْرُهُ
نام کتاب :
الرد على الجهمية
نویسنده :
الدارمي، أبو سعيد
جلد :
1
صفحه :
92
««صفحهاول
«صفحهقبلی
جلد :
1
صفحهبعدی»
صفحهآخر»»
««اول
«قبلی
جلد :
1
بعدی»
آخر»»
فرمت PDF
شناسنامه
فهرست
کتابخانه
مدرسه فقاهت
کتابخانهای رایگان برای مستند کردن مقالهها است
www.eShia.ir