responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 224
§حَدِيثٌ آخَرُ

ح نَصْرُ بْنُ الْفَتْحِ، ح أَبُو عِيسَى، ح هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ، ح عَبْدَةُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي §أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ -[225]- الْفَقْرِ، وَمِنْ سُوءِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ، وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ» قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ» فَالْفِتْنَةُ تَنْصَرِفُ عَلَى وُجُوهٍ: أَحَدُهَا: وَهُوَ الْأَلْيَنُ فِي هَذَا الْمَكَانِ هِيَ التَّصْفِيَةُ وَالتَّهْذِيبُ، يُقَالُ: هَذَا ذَهَبٌ مَفْتُونٌ إِذَا دَخَلَ النَّارَ فَنُفِيَ عَنْهُ الْخَبَثُ، وَيُقَالُ لِلصَّائِغِ: الْفَاتِنُ؛ لِأَنَّهُ يَفْتِنُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، أَيْ يُصَفِّيهِمَا بِالنَّارِ، وَيُزِيلُ الْخَبَثَ عَنْهُمَا، كَذَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ. وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: 34] ، مَعْنَاهُ هَذَّبْنَاهُ وَصَفَّيْنَاهُ مِنَ الْأَوْصَافِ الذَّمِيمَةِ , وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} ، أَيْ: عَلِمَ أَنَّا هَذَّبْنَاهُ، وَأَدَّبْنَاهُ، وَنَبَّهْنَاهُ , فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ» أَيْ: أَنْ يَكُونَ تَصْفِيَتِي وَتَهْذِيبِي بِالنَّارِ وَتَأْدِيبِي بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ الْخَطَايَا وَالذُّنُوبَ يُكَفِّرُهَا اللَّهُ بِالْمِحَنِ وَالْبَلَايَا فِي الدُّنْيَا، وَبِالْمَصَائِبِ وَالْأَمْرَاضِ؛ -[226]- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ حَتَّى يَمْشِيَ عَلَى الْأَرْضِ مَا لَهُ مِنْ ذَنْبٍ» وَتَكُونُ الْكَفَّارَةُ وَالتَّمْحِيصُ بَعْدَ الْمَوْتِ فِي الْقَبْرِ، وَفِي أَهْوَالِ الْقِيَامَةِ، وَيَكُونُ بِالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ، وَيَكُونُ شَفَاعَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ فَبِإِدْخَالِ النَّارِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَكُونَ فِتْنَتِي وَتَمْحِيصِي مِنْ خَطَايَايَ وَكَفَّارَةُ ذُنُوبِي تَصْفِيَتِي مِنْهَا بِالنَّارِ، وَلَكِنْ بِعَفْوِكَ وَفَضْلِكَ وَكَرَمِكَ إِمَّا تَوْفِيقًا لِلتَّوْبَةِ مِنْهَا فِي الدُّنْيَا، أَوِ التَّجَاوُزَ عَنْهَا فِي الْآَخِرَةِ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مَا جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ: «أَذِقْنِي بَرْدَ عَفْوِكَ» . وَمَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَعَذَابِ النَّارِ» أَيْ: أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تُعَاقِبَنِي بِهَا، وَتُعَذِّبَنِي بِالنَّارِ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَا تَجْعَلْنِي مِنْ أَهْلِ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا مِنَ الْكُفَّارِ الْمُلْحِدِينَ، فَإِنَّهُمْ هُمُ الْمُعَذَّبُونَ بِهَا، فَأَمَّا الْمُوَحِّدُونَ فَهُمْ مُؤَدَّبُونَ بِهَا، لَا مُعَذَّبُونَ فِيهَا، الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ أَهْلَ التَّوْحِيدِ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ قَالُوا: بِسْمِ اللَّهِ فَتَنْزَوِي النَّارُ عَنْهُمْ وَتَهْرَبُ وَتَقُولُ: مَا لِي وَأَهْلِ بِسْمِ اللَّهِ، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: فَائِدَةُ الدُّعَاءِ هُوَ الِاضْطِرَارُ، وَإِظْهَارُ الْعُبُودِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَ بِذَلِكَ، وَنَدَبَ إِلَيْهِ، فَمَنْ دَعَا شَيْئًا مِنَ اللَّهِ فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، أَوْ لَمْ يُقَدِّرْ، فَإِنْ قَدَّرَ فَقَدْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ اضْطِرَارًا مِنْهُ، فَهُوَ وَاجِبٌ، وَإِنْ لَمْ يُقَدِّرْ فَلَمْ يُمْنَعْ مِنَ الدُّعَاءِ فِيمَا لَمْ يُقَدَّرْ. قَالَ: وَلَيْسَتْ حَالَةٌ فِي الطَّاعَاتِ أَشْرَفَ مِنْ حَالِ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ رُبَّمَا يَشْغَلُ قَلْبَهُ فِي جَمِيعِ الْعِبَادَاتِ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهَا، فَأَمَّا فِي حَالَةِ الدُّعَاءِ، فَيُلْزِمُ جَوَارِحَهُ، وَيَضْطَرُّ إِلَيْهِ، فَأَيُّ حَالَةٍ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا. قَالَ: فَكَانَ دُعَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَجَلِ الِاضْطِرَارِ، وَإِظْهَارِ الْعُبُودِيَّةِ، إِنْ عَلِمَ أَنَّهُ كَانَ مَغْفُورًا لَهُ كُلُّ ذَنْبٍ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا، فَإِنَّهُمْ لَا يَمُوتُونَ فِيهَا» -[227]- وَأَمَّا قَوْمٌ يُرِيدُ اللَّهُ الرَّحْمَةَ، فَإِذَا أُلْقُوا فِيهَا أَمَاتَهُمْ، حَتَّى يَأْذَنَ بِإِخْرَاجِهِمْ فَيُدْخِلَهُمُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِ رَحْمَتِهِ إِيَّاهُمْ، وَقَدْ تَكَلَّمْنَا فِيهِ قَبْلُ، وَذَكَرْنَا إِسْنَادَهُ، وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا مَا

نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 224
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست