responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 228
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ، ح نَصْرُ بْنُ زَكَرِيَّا، ح عُمَارَةُ بْنُ الْحَسَنِ، ح سَلَمَةُ بْنُ الْفَضْلِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيِّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا دُفِنَ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ، فَسَبَّحَ النَّاسُ مَعَهُ طَوِيلًا، ثُمَّ كَبَّرَ، فَكَبَّرَ النَّاسُ مَعَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِمَّ سَبَّحْتَ؟ قَالَ: «لَقَدْ §تَضَايَقَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الصَّالِحِ قَبْرُهُ حَتَّى فَرَّجَهُ اللَّهُ عَنْهُ» فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ الَّذِي اسْتَعَاذَ مِنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، لِأَنَّ سَعْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ أَفَاضِلِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدِ اسْتَبْشَرَتِ الْمَلَائِكَةُ بِرُوحِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، وَاهْتَزَّ لَهُ الْعَرْشُ» -[229]- قَالَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ: الِاهْتِزَازُ: الْفَرَحُ وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ» ذَكَرَ الْفِتْنَةُ فِي هَذَيْنِ وَقَرَنَهَا بِالشَّرِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الْفِتْنَةَ هَاهُنَا الِابْتِلَاءُ وَالِاخْتِيَارُ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً} [الفرقان: 20] ، وَقَالَ تَعَالَى فِي شَأْنِ مُوسَى {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] أَيِ: اخْتَبَرْنَاكَ وَابْتَلَيْنَاكَ، وَالِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالْأَنْبِيَاءِ لِإِصْلَاحِهِمْ وَإِرَادَةِ الْخَيْرِ بِهِمْ، كَمَا قَالَ فِي شَأْنِ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا} [طه: 40] وَفِي دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ {وَظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ} ، {وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ} [ص: 34] ، اخْتَبَرَهُمْ، وَابْتَلَاهَمْ لِيُهَذِّبَهُمْ وَيُصَفِّيَهُمْ، وَالِاخْتِبَارُ وَالِابْتِلَاءُ لِلْكَافِرِينَ وَالْجَاحِدِينَ إِرَادَةُ الشَّرِّ بِهِمْ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ} [الدخان: 17] وَقَالَ تَعَالَى {فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ} [طه: 85] أَيْ ضَلَّلْنَاهُمْ، فَدَلَّ أَنَّ الِاخْتِبَارَ يَكُونُ لِإِرَادَةِ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَمَنْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ الْخَيْرَ كَانَ الْغِنَى فِتْنَةً لَهُ، أَيِ: اخْتِبَارًا لَهُ وَابْتِلَاءً لِيَظْهَرَ مَكْنُونُ مَا عَلِمَ اللَّهُ مِنْ طَهَارَةِ سِرِّهِ وَصَفَاءِ قَلْبِهِ، وَقِلَّةِ نَظَرِهِ إِلَى الدُّنْيَا، فَلَا يَفْتِنُهُ عَنْ دِينِهِ، وَلَا يَشْغَلُهُ عَنِ اللَّهِ؛ -[230]- قَالَ اللَّهَ تَعَالَى خَبَرًا عَنْ نَبِيِّهِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ {هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: 40] ، وَمَنْ أَرَادَ اللَّهَ تَعَالَى بِهِ الشَّرَّ فَتَنَهُ بِالْغِنَى فَافْتَتَنَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَحْكِي عَنْ قَارُونَ {قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِنْدِي} [القصص: 78] ، وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً} [الأنعام: 44] . إِذًا فَالْغِنَى فِتْنَةٌ أَيِ: اخْتِبَارٌ وَابْتِلَاءٌ لِلْخَيْرِ مِنَ الشَّرِّ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ تَفْتِنَنِي بِالْغِنَى أَيْ: تَبْتَلِيَنِي بِهِ إِرَادَةَ الشَّرِّ بِي، وَكَذَلِكَ الْفَقْرُ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْغِنَى وَالْفَقْرِ شَرًّا وَخَيْرًا، وَهُوَ بَلْوَى وَاخْتِبَارٌ اسْتَعَاذَ مِنْ شَرِّهِمَا، وَلَمْ يَسْتَعِذْ مِنْ عَيْنِهِمَا؛ لِأَنَّ عَيْنَهُمَا قَدْ يَكُونَانِ خَيْرًا وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَمِنْ شَرِّ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» فِتْنَةٌ وَاخْتِبَارٌ لِيَزْدَادَ إِيمَانُ الْمُؤْمِنِ بِاللَّهِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّهُ أَعْوَرُ، وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَرَ» ، وَقَالَ ": «مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ» ، وَفِي رِوَايَةٍ: «ك اف ر يَقْرَأْهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ» ، فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُؤْمِنَ يَقْرَأْهُ، وَالْكَافِرَ لَا يَعْلَمُهُ، فَيَفْتَتِنُ بِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَبِعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ يَهُودِ أَصْفَهَانَ عَلَيْهِمُ الطَّيَالِسَةُ» فَاسْتَعَاذَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ شَرِّهِ، وَذَكَرَ الْمَسِيحَ، وَعَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ: الدَّجَّالُ؛ لِأَنَّهُمَا مَسِيحَانِ: مَسِيحٌ هُوَ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ وَحَبِيبُهُ، وَمَسِيحٌ هُوَ عَدُوُّ اللَّهِ وَبَغِيضُهُ وَلَعِينُهُ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمَا، فَيَقُولُونَ لِلدَّجَّالِ: الْمِسِّيحُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ السِّينِ، وَأَهْلُ اللُّغَةِ لَا يَرَوْنَ ذَلِكَ شَيْئًا، وَيُؤَيِّدُ قَوْلَهُمْ تَقْيِيدُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسِيحُ بِذِكْرِ الدَّجَّالِ , -[231]- وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ» ، وَالْعَرَبُ تُعَبِّرُ عَنِ الرَّاحَةِ وَالرَّوْحِ وَطِيبِ الْعَيْشِ بِالْبَرَدِ، وَعَنْ ضِدِّهِ بِالْحَرِّ، وَلِذَلِكَ قَالُوا لِلرَّوْحِ وَالرَّوْحَةِ: قُرَّةُ الْعَيْنِ، وَلِلْغَمِّ وَالْحُزْنِ: سُخْنَةٌ الْعَيْنِ وَفِي الْحَدِيثِ: «وَأَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ بِهِ، وَعَفْوَكَ، وَبرْدَ الْعَيْشِ»

نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 228
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست