responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 313
وَحُطُومِهَا، وَالْمُنَافَسَةُ فِيمَا تُؤَدِّي إِلَى الْحِرْصِ عَلَيْهَا وَالْجَمْعِ لَهَا، وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهَا وَالضَّنِّ بِهَا. فَقَوْلُهُ: «لَا تَنَافَسُوا» نَهْيٌ عَنْ هَذِهِ الْأَسْبَابِ، وَزَجْرٌ عَنْ هَذِهِ الْأَوْصَافِ. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَدَابَرُوا» أَيْ لَا تَخَاذَلُوا، وَلَا تَغْتَابُوا، وَلَا يَبْغِي بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ غَائِلَةً، بَلْ تَعَاوَنُوا كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِقَوْلِهِ {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى} [المائدة: 2] ، وَبِقَوْلِهِ {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [الحجرات: 12] ، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا» أَيْ لَا تَتَرَافَعُوا وَلَا تَتَعَالَوْا فَإِنَّكُمْ كُلَّكُمْ عِبَادُ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: «إِخْوَانًا» يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا فِي التَّدَابُرِ؛ لِأَنَّ التَّخَاذُلَ هُوَ إِعْرَاضُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ التَّدَابُرُ؛ لِأَنَّ كُلُّ وَاحِدٍ إِذَا عَرَضَ عَنْ صَاحِبِهِ كَانَ دُبُرُهُ إِلَى صَاحِبِهِ، وَلَيْسَتْ هَذِهِ صِفَةُ الْأُخُوَّةِ بَلْ صِفَةُ الْأُخُوَّةِ التَّقَابُلُ، وَأَنْ يَكُونَ وَجْهُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى صَاحِبِهِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِخْوَانًا عَلَى سُرَرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] ، فَوَصَفَ الْإِخْوَانَ بِالتَّقَابُلِ وَهُوَ أَنْ لَا يُعْرِضَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ، فَهُوَ أَنْ لَا يَأْخُذَهُ وَلَا يَجْعَلَهُ عَنْ دُبُرٍ مِنْهُ، وَلَا يُدْبِرَهُ بِسُوءٍ قَوْلًا فَيَكُونَ غَيْبَتَهُ، أَوْ فِعْلًا فَيَكُونُ بَغْيًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. مَعْنَى الْخَبَرِ: لَا تَبَاغَضُوا أَيْ: لَا تَخْتَلِفُوا فِي الْآرَاءِ، وَلَا تَبَايَنُوا فِي الْمَذَاهِبِ وَالْأَهْوَاءِ فَتَبَاغَضُوا بِهَا؛ لِأَنَّ الْبِدْعَةَ تُوجِبُ الْبُغْضَ وَتَرْكَ الْمُوَالَاةِ

ح أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَرَوِيِّ قَالَ: ح أَبُو الْفَضْلِ أَحْمَدُ بْنُ نَجْدَةَ بْنِ عُرْيَانَ قَالَ: ح يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ قَالَ: ح حَمَّادٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {§قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ} [الأنعام: 65] قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَعُوذُ بِوَجْهِكَ الْكَرِيمِ» قَالَ: فَنَزَلَتْ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ} [الأنعام: 65] ، فَقَالَ: «هَذَا أَهْوَنُ» -[314]- قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ الزَّاهِدُ رَحِمَهُ اللَّهُ: قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ {أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا} [الأنعام: 65] ، قِيلَ مَعْنَاهُ: فَجَعَلَكُمْ مُخْتَلِفِينَ مُتَفَرِّقِينَ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الِاخْتِلَافُ وَالْفُرْقَةُ الَّذِي تَوَعَّدَ اللَّهُ هَذِهِ الْأُمَّةَ أَنْ يُلْقِيَهُ فِيهَا وَبَيْنَهَا فِي الْمُنَازَعَاتِ وَمُطَالَبَةِ حُظُوظِ الْأَنْفُسِ مِنَ الْوَلَايَةِ وَالْخِلَافَةِ وَأَسْبَابِ الدُّنْيَا، فَيَكُونُ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمْ فِرْقَةَ الْأَبْدَانِ أَوْ إِتْلَافَ الْأَنْفُسِ فِي مُنَازَعَةِ الدُّنْيَا، وَمُجَاذَبَةِ الْمُلْكِ فِيهَا، وَطَلَبَ الرِّفْعَةِ وَالْعُلُوِّ فِيهَا، وَجَمْعِ حُطَامِهَا وَالْإِسْتِيلَاءِ عَلَى الْأَمْرِ فِيهَا دُونَ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ فِي الدِّينِ، وَالتَّبَايُنِ فِي الْأَهْوَاءِ الْمُضِلَّةِ وَالْآرَاءِ الْمُغْوِيَةِ الَّتِي تَخْرُجُ إِلَى نَفْيِ ذَاتِهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَتَعْطِيلِ صِفَاتِهِ الَّذِي يَرْجِعُ أَكْثَرُهَا إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الْمِلَّةِ. فَقَدْ رُوِيَ أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى مُعَاوِيَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ لَهُ: جِئْتُكَ مِنْ عِنْدِ أَكْذَبِ النَّاسِ، وَأَجْبَنِ النَّاسِ، وَأَبْخَلِ النَّاسِ - يَعْنِي عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَأَعْطَاهُ وَأَكْثَرَ لَهُ ثُمَّ خَلَا بِهِ، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ كَيْفَ قُلْتُ: أَكْذَبِ النَّاسِ وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ صَدَّقَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَوَّلُ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَهُوَ الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، وَكَيْفَ قُلْتَ: أَجْبَنِ النَّاسِ وَقَدْ عَلِمَتِ الْعَرَبُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَشْجَعُ مِنْهُ، وَكَيْفَ قُلْتَ: أَبْخَلِ النَّاسِ وَمَا جَمَعَ قَطُّ صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ؟ أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: إِنْ كَانَ كَمَا تَقُولُ فَعَلَامَ تُقَاتِلُهُ؟ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: عَلَى أَنْ تَجُورَ طِينَةُ هَذَا الْخَاتَمِ فِي الْأَرْضِ. فَقَدْ أَخْبَرَ أَنَّ قِتَالَهُ إِيَّاهُ وَاخْتِلَافَهُ عَلَيْهِ وَمُفَارَقَتَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَكُنْ لِلدِّينِ وَإِنَّمَا كَانَ لِلدُّنْيَا، فَافْتَرَقُوا لِلدُّنْيَا، وَاجْتَمَعُوا فِي الدِّينِ، فَكُلُّ مَنْ مَلَكَ نَصَرَ الدِّينَ وَأَهْلَهُ، وَقَمَعَ الشِّرْكَ وَأَهْلَهُ، فَتَحُوا الْأَمْصَارَ، وَأَسْلَمُوا الْكُفَّارَ، وَقَمَعُوا الْفُجَّارَ، وَدَعُوا إِلَى كَلِمَةِ التَّقْوَى، وَمِنَ الضَّلَالَةِ إِلَى الْهُدَى جَمَعَهُمُ الدِّينُ، وَفَرَّقَتْهُمُ الدُّنْيَا فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ بَأْسَهُمْ، وَقَتَلَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ، وَأَلْفَاهُمْ عَنْ سَلَامَةٍ مِنِ اعْتِقَادِهِمْ وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ، وَإِقَامَةِ شَهَادَاتِهِمْ، فَكَانَ بَأْسُهُمُ الَّذِي أُذِيقُوهُ كَفَّارَةً لِمَا اجْتَرَمُوهُ، وَتَمْحِيصًا فِيمَا اكْتَسَبُوهُ

§حَدِيثٌ آخَرُ

نام کتاب : بحر الفوائد المسمى بمعاني الأخبار نویسنده : الكلاباذي، أبو بكر    جلد : 1  صفحه : 313
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست