responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : قدوة الغازي نویسنده : ابن أبي زَمَنِين    جلد : 1  صفحه : 16
مَا جَاءَ فِي الْفِرَارِ مِنَ الزَّحْفِ وَالانْحِيَازِ إِلَى الْفِئَةِ وَحَمْلِ الْوَاحِدِ عَلَى الْجَمَاعَةِ
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ {15} وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزًا إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ {16} } [الأنفال: 15-16] .
وَفِي قَوْلِهِ: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الأنفال: 65] .
فَكَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَمَرَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذِهِ الآيَةِ أَنْ يَصْبِرُوا لِعَشَرَةِ أَمْثَالِهِمْ، ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ عَزَّ وَجَلَّ وَخَفَفَّهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً بِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ , فَقَالَ: {الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 66] .
فَجَعَلَ ذَلِكَ إِلَى الضِّعْفِ، وَلَمْ يَجْعَلْ لِلضِّعْفِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ سَعَةً فِي التَّوْلِيَةِ وَالْفِرَارِ مِنَ الضِّعْفَيْنِ مِنْ عَدُوِّهِمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَفِي تَأْوِيلِ الضِّعْفِ اخْتِلافٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: وَفِي تَأْوِيلِ الضِّعْفِ اخْتِلافٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ وَهُوَ الأَكْثَرُ: إِنَّمَا هُوَ الضِّعْفُ فِي الْعَدَدِ وَلَيْسَ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ، وَلا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرَّ مِنَ الرَّجُلَيْنِ، وَلا لِلْمِائَةِ أَنْ تَفِرَّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ وَإِنْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ سِلاحًا وَأَظْهَرَ جَلَدًا وَقُوَّةً، إِلا أَنْ يَكُونُوا فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ وَبِمَوْضِعِ مَادَّتِهِمْ وَبُعْدٍ مِنْ مَادَّةِ الْمُسْلِمِينَ، فَهُمْ يَخَافُونَ اسْتِجَاشَةَ الْعَدُوِّ وَتَكَاثُرِهِمْ عَلَيْهِ، فَلَهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ فِي الانْحِيَازِ عَنْهُمْ وَالتَّوْلِيَةِ مِنْهُمْ سَعَةٌ.
وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَيْسَ الضِّعْفُ فِي الْعَدَدِ، وَإِنَّمَا هُوَ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ، فَلَوْ أَنَّ مِائَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قُوَّةٍ وَجَلَدٍ لَقُوا الثَّلاثَ مِائَةٍ، وَالْخَمْسَ مِائَةٍ، وَأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ لَيْسُوا مِثْلَهُمْ فِي قُوَّتِهِمْ وَجَلَدِهِمْ وَشَدِّ سِلاحِهِمْ، مَا حَلَّ لَهُمُ الانْحِيَازُ مِنْهُمْ، وَلا التَّوْلِيَةُ عَنْهُمْ، إِذَا كَانَتْ لَهُمْ بِمِثْلِهِمْ قُوَّةٌ وَاسْتِضْلاعٌ.
وَلَوْ أَنَّ مِائَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ضَعْفٍ مِنْ أَبْدَانِهِمْ وَمِنْ دَوَابِّهِمْ وَمِنْ سِلاحِهِمْ لَقُوا أَقَلَّ مِنَ الْمِائَتَيْنِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَظْهَرَ مِنْهُمْ قُوَّةً وَجَلَدًا وَأَشَدَّ سِلاحًا وَأَقْوَى خَيْلا بِالأَمْرِ الْبَائِنِ الظَّاهِرِ الْمُجَاوِزِ لِلضِّعْفِ، كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنَ الانْحِيَازِ عَنْهُمْ وَالتَّوْلِيَةِ مِنْهُمْ، فَإِنَّمَا الضِّعْفُ فِي الْقُوَّةِ وَالْجَلَدِ وَلَيْسَ فِي الْعَدَدِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلا بَأْسَ أَنْ يَحْمِلَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ عَلَى الْكَتِيبَةِ وَعَلَى الْجَيْشِ إِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ للَّهِ، وَكَانَتْ فِيهِ شَجَاعَةٌ وَجَلَدٌ وَقُوَّةٌ عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ حَسَنٌ جَمِيلٌ، لَمْ يُكْرِهْهُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنَ التَّهْلُكَةِ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْهُ لِلْفَخْرِ وَالذِّكْرِ فَلا يَفْعَلْ وَإِنْ كَانَتْ بِهِ عَلَيْهِ قُوَّةٌ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ عَلَيْهِ قُوَّةٌ فَلا يَفْعَلْ وَإِنْ أَرَادَ بِهِ اللَّهَ لأَنَّهُ حِينَئِذٍ يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى التَّهْلُكَةِ.

نام کتاب : قدوة الغازي نویسنده : ابن أبي زَمَنِين    جلد : 1  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست