responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : القناعة والتعفف نویسنده : ابن أبي الدنيا    جلد : 1  صفحه : 56
فَذَهَبْتُ لأُجِيبَهُ فَمَا أَدْرِي كَيْفَ ذَهَبَ.
قَالَ: فَذَكَرْتُهُ، فَقِيلَ: ذَاكَ الْخِضْرُ، وَلا نَظُنُّ إِلا الْخِضْرَ عَلَيْهِ السَّلامُ
- وَقَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: كَتَبْتُ إِلَى رَجُلٍ حَرِيصٍ عَلَى الدُّنْيَا: أَمَّا بَعْدُ , أَصْلَحَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِمَا لَهُ خَلَقَنَا، وَحَصِّننَّا وَإِيَّاكَ مِنْ شَرِّ مَا فِيهِ أَصْبَحْنَا، فَإِنَّا قَدْ أَصْبَحْنَا فِي أَنْكَدِ النَّكَدِ، مِنْ أَكْدَرِ الْكَدَرِ , لا نَنَالُ الدُّنْيَا إِلا بِأَطْوَلَ نَصَبٍ، وَأَشَدَّ تَعَبٍ مَعَ أَنَّا فِيمَا.....
نَخُوضُ، الذُّلّ، وَنُعْرَفُ بِالصَّغَارِ، وَلا تَدَعْنَا نَجْتَرُّ بِهِ إِلَى انْتِفَاعٍ.
وَلَقَدْ رَأَيْنَا فِي هَذِهِ الدَّارِ الْعَجَبَ، وَالاعْتِبَارَ، الْعَجَبَ مِنَ الضَّعِيفِ فِي ضَعْفِهِ، وَالْعَاجِزِ فِي حِيلَتِهِ، وَالْعَلِيلِ فِي عَقْلِهِ، وَالْفَاجِرِ فِي دِينِهِ، وَهُوَ بِقَدْرٍ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى حُبِّهِ.
وَالْعَجَبَ مِنَ الْقَوِيِّ فِي شِدَّتِهِ، وَالصَّحِيحِ فِي عَقْلِهِ، وَالْجَلِيدِ فِي أَمْرِهِ، وَالْعَفِيفِ فِي دِينِهِ وَهُوَ فِي....... . فَالَّذِي حَالَ بَيْنَ الْقَوِيِّ وَبَيْنَ طِلْبَتِهِ هُوَ الْمَقْدُورُ اللَّازِمُ لِخَلْقِهِ، فَهَلْ عَبْدٌ رَضِيَ بِمَا قُسِمَ لَهُ فَيَفْرَغُ بَدَنُهُ، وَتَطْمَئِنُّ نَفْسُهُ، أَيْ أَخِي، ذَلَّلَ اللَّهُ لَكَ رِزْقًا لا بُدَّ لَكَ مِنْ أَنْ تَأْكُلَهُ حَلالا بِزَادٍ تَبْلُغُهُ، وَأَثَرٍ فَلا بُدَّ مِنْ أَنْ تَطَأَهُ، وَقَسَمًا فَلا بُدَّ أَنْ تُعْطَاهُ، فَفِيمَ شُغْلُ هَذِهِ النَّفْسِ، وَتَغَيُّرُ هَذَا الْقَلْبِ إِلا الْوَسْوَسَةَ، وَهَذَا الْعَدُوُّ، فَأَعَانَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ عَلَى عَدُوِّنَا الْحَرِيصِ عَلَى أَنْ يَسُوءَ ظَنُّنَا بِرَبِّنَا، وَأَنْ يَقِلَّ رِضَانَا عَنْ خَالِقِنَا، يَعِدُنَا اللَّهُ الْمَغْفِرَةَ وَالْفَضْلَ، وَيَعِدُنَا عَدُوُّنَا الْفَقْرَ، فَأَسْرَعَتْ قُلُوبُنَا إِلَى عِدَةِ عَدُوِّنَا، مَا لَمْ تُسْرِعْ إِلَى عِدَةِ خَالِقِنَا، وَالسَّلامُ

رَجُلانِ يَطْلُبَانِ فَضْلَ اللَّهِ
- حُكِيَ أَنَّ رَجُلا أَعْوَرَ خَرَجَ يَبْتَغِي مِنْ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، فَصَحِبَ رَجُلا فِي بَعْضِ الطَّرِيقِ فَسَأَلَهُ عَنْ مَخْرَجِهِ، فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَنَا وَاللَّهِ أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكَ، فَانْطَلِقْ بِنَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى نَلْتَمِسْ مِنْ فَضْلِهِ، فَخَرَجَا فِي جِبَالِ لُبْنَانَ، يَؤُمَّانِ بَيْتَ الْمَقْدِسِ، فَأَتَيَا عَلَى بَعْضِ الْمَنَازِلِ فَنَزَلا فِي قَصْرٍ خَرِبٍ، فَانْطَلَقَ أَحَدُهُمَا لِيَأْتِيَ بِطَعَامٍ، فَقَالَ الْمُتَخَلِّفُ مِنْهُمَا فِي الرَّحِيلِ: أَلْقَيْتُ نَفْسِي وَجَعَلْتُ أَنْظُرُ بِنَاءَ ذَلِكَ الْقَصْرِ وَهَيْئَتَهُ وَخَرَابَهُ بَعْدَ الْعِمَارَةِ وَجَعَلْتُ وَاللَّهِ أَذْكُرُ سَفَرِي، وَتَرْكِي عِيَالِي فَإِذَا أَنَا بِلَوْحٍ مِنْ رُخَامٍ تِجَاهِي فِي قِبْلَةِ حَائِطِ الْقَصْرِ، فِيهِ كِتَابَةٌ فَاسْتَوَيْتُ جَالِسًا فَإِذَا فِيهِ:
لَمَّا رَأَيْتُكَ جَالِسًا مُسْتَقْبِلِي ... أَيْقَنْتُ أَنَّكَ لِلْهُمُومِ قَرِينُ
فَافْطِنْ لَهَا وَتعرض مِنْ أَثْوَابِهَا ... إِنْ كَانَ عِنْدَكَ بِالْقَضَاءِ يَقِينُ
فَالْهَمُّ سِيمَاهُ مَشِيبٌ سَائِلٌ ... وَيَكُونُ مَثْوَى الضُّرِّ حَيْثُ يَكُونُ
هَوِّنْ عَلَيْكَ وَكُنْ بِرَبِّكَ وَاثِقًا ... فَحَقُّ التَّوَكُّلِ شَأْنُهُ التَّهْوِينُ
طَرَحَ الأَذَى عَنْ نَفْسِهِ فِي رِزْقِهِ ... لَمَّا تَيَقَّنَ أَنَّهُ مَضْمُونُ
فَجَعَلْتُ أَقْرَؤُهُنَّ، وَأَتَدَبَّرُهُنَّ، إِذْ جَاءَ صَاحِبِي، فَقُلْتُ: أَلا أُعْجِبُكَ؟ قَالَ: بَلَى.
قُلْتُ: انْظُرْ مَا عَلَى هَذَا اللَّوْحِ، فَنَظَرَ وَنَظَرْتُ فَلَمْ يَرَ حَائِطًا وَلا شَيْئًا، فَجَعَلْتُ أُطَوِّفُ فِي الْقَصْرِ، وَأَتَتَبَّعُ مَا فِيهِ فَلَمْ أَرَ شَيْئًا

نام کتاب : القناعة والتعفف نویسنده : ابن أبي الدنيا    جلد : 1  صفحه : 56
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست