على شيء. فهو لا يطابق الواقع؛ فكان لذلك كذبا؛ وكان أكذب الحديث لأن الاعتداد به أكثر من الكذب المحض [1] لخفائه في الأكثر ووضح الكذب المحض، أو أن وصفه بالأكذبية مبالغة في ذمه لأن الكذب معروف وصاحب الظن معتمد بزعمه على شيء. فكأنه في نظره غير قبيح فقبحه بوصفه فذلك تنفيرا منه.
2- [3]- ولا تجسسوا، ولا تحسسوا:
تقدم الفرق بينهما؛ وقد نهى القرآن عن التجسس والمراد المنع عن تتبع عورات الناس؛ والبحث عن مثالبهم بأي طريق.
فنكتفي منهم بالظاهر؛ ونكل إلى الله أمر الباطن. نعم لو تعين التجسس طريقا لدرء مفسدة كبيرة. أو جلب مصلحة عظيمة لم يكن محرما. كما إذا علمنا أن أشخاصا عزموا على ارتكاب جريمة قتل أو سرقة مثلا؛ فتجسسنا عليهم لنحول دون وقوع الجريمة أو لنقبض عليهم أو تجسسنا لمعرفة جناة ارتكبوا جريمة وفرّوا فإنه لا حرج في ذلك.
4- ولا تحاسدوا:
أي لا يحسد بعضكم بعضا ويتمنى زوال ما لديه من النعم إليه أو إلى غيره، مالية كانت أو غيرها. فإن هذا ينافي خلق المؤمنين الذين يحبون لغيرهم ما يحبون لأنفسهم، وقد نهى الله تعالى عن ذلك التمني بقوله: وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ [2] ، وأمرنا بالتعوذ من شر الحاسد في قوله: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ. مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ ... وَمِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ [3] ، والحسد مذموم وإن لم يقرن بسعي في سلب النعمة عن الغير. نعم لو خطر للإنسان فجاهده، ولم يمكن له من نفسه يرجى له الصفح عنه إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ
«4» .
5- ولا تباغضوا:
المراد بذلك تجنب أسباب البغض لأن البغض لا يكسب ابتداء، فكل ما يسبب الكراهة والعداوة محظور على الإنسان فعله. نعم البغض في الله محمود لأنه كراهة للشر أن يقع، ومحبة للعبد أن يقلع ويتطهر. وهذا إحساس شريف لا يفارق المؤمن. [1] المحض: كل شيء خلص حتى لا يشوبه شيء يخالطه. [2] سورة النساء، الآية: 32. [3] سورة الفلق.
(4) سورة الأعراف، الآية: 201.