لتفتنيه في معضلة [1] ، أو لتعولن يتيما [2] ، فأبرّه في يمينه، وحقق رجاءه.
وقد قال العلماء إنّ إبرار القسم سنة إذا لم يكن في ذلك مفسدة، أو خوف ضرر، فإن كل شيء من ذلك فلا إبرار، فمن حلف لتساعدنه على النكاية بفلان، أو اغتصاب ماله، أو استلاب حقه، أو لتشربن معه الخمر؛ وتأتين المنكر حرم عليك إبراره؛ لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
6- إفشاء السلام ورده:
السلام داعية المحبة، وآية الإخاء والألفة؛ وقد أمر به القرآن في عدة مواطن؛ وبين أنه تحية من عند الله مباركة طيبة فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً [3] ، وكان تحية إبراهيم وضيفه المكرمين لما دخلوا عليه قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ [4] ، وهو شعار أهل الجنة تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ [5] ، والأمر بإفشائه ورده يدل على وجوبه ولكن حكى كثير من العلماء أن الابتداء به سنة؛ والرد واجب وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها [6] ، فإن كان المسلم جماعة فهو سنة كفاية في حقهم إذا سلّم بعضهم حصلت سنة السلام في حق جميعهم فإن كان المسلّم عليه واحد تعين عليه الرد، وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم فإذا ردّ واحد منهم سقط الحرج عن الباقين.
وفي حديث علي عند أحمد والبيهقي «يجزىء عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم، ويجزىء عن الجماعة أن يرد أحدهم» ، وعن أبي يوسف أن الرد من الجميع واجب، وكما يسلم عند اللقاء يسلم عند الفراق، فليست الأولى بأحق من الآخرة، ولا نبدأ اليهود والنصارى بالسلام لأنه شعار المسلمين، فإن بدؤنا به أجبناهم، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم «لا تبدؤا اليهود والنصارى بالسلام» [7] ، وفي حديث [1] معضلة: المسألة المشكلة التي لا يهتدى لوجهها. [2] لتعولنّ: تقوم بما يحتاج إليه من طعام وكساء وغيرهما. [3] سورة النور، الآية: 61. [4] سورة هود، الآية: 69. [5] سورة يونس، الآية: 10. [6] سورة النساء، الآية: 86. [7] رواه مسلم في كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم (5626) .