المال والخلق فلينظر إلى من هو أسفل منه ممّن فضّل عليه» .
اللغة:
الإزدراء: الاحتقار والانتقاص يقال زريت عليه زراية وأزريت به إذا انتقصته وعبته. وازدراء واستزراره: احتقاره واستخف به.
الشرح:
رضا المرء بما ناله من متاع هذه الحياة أساس السعادة فيها والرضا يدعو إلى شكر الله على ما وهب قليلا كان أو كثيرا وفقد هذا الرضا مؤلم للنفس موقع لها في الهم والحزن مذك [1] فيها نار الحسد.
فالنفس التي لا ترضى شقية في هذه الحياة ولن تكون يوما سعيدة مهما حصلت من أعراض هذه الحياة فإنها كلما بلت درجة تعودتها فملتها وتطلعت إلى غيرها فلم ترض بحالها فتألمت وقد أرشدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث إلى الطريق الذي يورثنا القناعة ويملأ نفوسنا بالرضا ويعرفنا نعم الله علينا لنقوم بشكرها الواجب فيزيدنا من نعمه، ذلك الطريق أن ننظر إلى من هو دوننا في أعراض الحياة الدنيا دون من هو فوقنا فيها لأن ذلك يدعو إلى الاعتراف بنعمة الله علينا وإكبارها والشكر عليها، لا احتقارها والإستهانة بها، وما من حال للمرء إلا وفي الناس من هو دونه فيها كما فيهم من هو أعلى منه فيها فالعاقل ينظر إلى المبتلى بالأسقام وينتقل إلى ما فضل به عليه من العافية التي هي أساس التمتع بطيبات الحياة، وينظر إلى من في خلقه نقص من عمي أو صمم [2] أو بكم [3] أو تشويه في الشكل ويزن ذلك بسلامته من هذه العاهات وأشباهها، وينظر إلى من ابتلي بالدنيا وجمعها مع إهماله القيام بحق الله فيها ويعلم أنه قد رجحه بالإقلال وبقلة التبعة في الأموال وبسلامة دينه، وينظر إلى من بلي بالفقر المدقع [4] والدّين المثقل وينتقل إلى سلامته منهما وهكذا يوازن بين حاله وأحوال من دونه فيرى تفضيل الله له على كثير من خلقه ويستعظم نعم الله عليه فيلهج [5] بشكره ويجدّ في عبادته ويرضى بمعيشته فيسعد في أولاه وآخرته. [1] مذك: منم، من ذكى الشيء إذا نما وكبر. [2] صمم: صمّ صمّا: ذهب سمعه. [3] البكم: العجز عن الكلام خلقة. [4] المدقع: الشديد المذلّ. [5] يلهج: يثابر ويعتاد.