أما إذا اقتصر نظره على من علاه فهنالك الحسد والغم وهناك ازدراء النعم وهنالك التقصير في شكر الله والولوع بغاية الغايات من وسائل هذه الحياة وستنفد حياته دونها.
أما النظر إلى من فوقه في العالم والخلق والأعمال الطيبة ووسائل الشرف والعزة فهو نظر محمود يدعو إلى الترقي في مدارج الكمال وذلك خليق بكل إنسان يبغي مجدا في دنياه ونعيما في أخراه. وفي هذا المعنى قول الشاعر:
من رام [1] عيشا رغيدا [2] يستفيد به ... في دينه ثم في دنياه إقبالا
فلينظرن إلى من فوقه أدبا ... ولينظرن إلى من تحت مالا
91- باب: التعوذ من الهم والدّين
عن أبي سعيد الجدريّ رضي الله عنه قال: «دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة جالسا فيه» ، فقال «يا أبا أمامة مالي أراك جالسا في غير وقت صلاة» ، قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله. فقال: «ألا أعلّمك كلاما إذا قلته أذهب الله عزّ وجلّ همّك وقضى دينك» . فقال: بلى يا رسول الله. قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت: اللهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن. وأعوذ بك من العجز والكسل. وأعوذ بك من البخل والجبن. وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرّجال» . قال: فقلت ذلك فأذهب الله همّي وقضى عنّي ديني. [رواه أبو داود [3] ] .
الشرح:
الأنصار: هم أهل المدينة الذين هاجر إليهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فاووهم ونصروهم، رأى الرسول عليه السلام أحد صحابته في المسجد في غير وقت [1] رام: طلب. [2] الرّغيد: العيش الطيب الواسع. [3] رواه أبو داود في كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة (1555) .