كيان الأسر، وينشىء الأبناء على أسوأ المثل وأدنى الصفات ويجعل المنزل مباءة [1] مقت وكره، ومثابة شرور وآلام، ونزاع وخصام.
وأما ذات الحسب فإنها تدل على زوجها بحسبها؛ وتفخر عليه بعديدها وبخاصة إذا كان أقل منها عددا؛ فلا يشعر معها بهناءة ولا سعادة، أو يطأطىء لها رأسه، ويذل نفسه.
وأما ذات الجمال فتكون مبعث ظنة، ومجلبة ريبة، ولقد استشار رجل حكيما في الزواج فقال افعل وإياك والجمال البارع فقال فكيف ذلك؟ فأجابه:
ولن تصادف مرعى ممرعا أبدا ... إلا وجدت به آثار منتجع
ولقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في ذلك: «لا تزوجوا النساء لحسنهن فلعل حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لأموالهم فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدّين، ولأمة سوداء ذات دين أفضل» .
وليس المراد من ذلك أن يعرض المرء عن ذات المال والحسب والجمال، ويقبل على المعدمة الوضيعة الدميمة، بل المراد ألا يجعل الإنسان نصب عينه في اختيار الزوجة وتفضيلها المال أو الحسب أو الجمال غير آبه بما عساه يكون لها من صفات أخرى، ولا ينقب [2] عما تتحلى به من خلال قد تفضل ما نظر إليه منها وليبدأ بذات الدّين والتقوى فإذا ضمت إلى ذلك خلة من الخلال المرغوبة كان خيرا وأفضل.
وإلا فلا يضيره [3] كثيرا أن تفقد مع دينها وصلاحها مالا ينفد وحسبا يزول، وجمالا يذبل وتذوي نضرته بعد حين، أما الدّين فلا يزيد مع الأيام إلا جدّة. ولا يأتي إلا بخير دائم وسعادة مستمرة. [1] مباءة: المباءة: المنزل. [2] ينقب: يبحث ويفحص فحصا بليغا. [3] يضيره: يضرّ به.