يقول: «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميّت فوق ثلاث إلّا على زوج أربعة أشهر وعشرا» . [رواه البخاري [1] من حديث طويل] .
اللغة:
تحد: فعل مضارع إما بفتح التاء مع ضم الحاء أو كسرها، من حدت المرأة حدا وحدادا، وإما بضم التاء وكسر الحاء من أحدت إحدادا إذا امتنعت عن الزينة من طيب ولباس لموت زوج أو قريب.
وأصل الحد في اللغة: المنع ومنه سمي البواب والسبحان حدادا، وسميت العقوبة حدا، والمراد هنا منع المتوفى قريبها أو زوجها نفسها من الزينة والطيب، ومنع الخطاب خطبتها والطمع فيها، ثلاث ليال: أي مع أيامها، وقوله وعشرا: أي ليال مع أيامها كذلك.
الشرح:
الحزن على القريب أو الزوج أو الصاحب غير محظور [2] وربما كان مشكورا بل قد يكون إظهاره واجبا مراعاة لحق القرابة ووفاء لواجب الصحبة. ولكنه متى خرج عن هذا القدر صار مذموما لأنه يبعث السأم [3] إلى القلب والغم إلى النفس، ويدعو إلى تعطيل الأعمال وتحريم ما أحل الله وربما جر إلى السخط من قضاء الله.
والحديث يدلنا على القدر الذي يباح للمرأة فيه أن تبدي الحزن على من يموت من زوج أو غيره، وقد بين أن لها الإحداد على غير الزوج من أب أو ابن أو أخ أو غيرهم إلى ثلاثة أيام، أما على الزوج فإلى نهاية العدة وهي أربعة أشهر وعشرة أيام، فتمتنع من التزين والتطيب والظهور بمظهر الفرح أو السرور وكذا تمنع خطبتها والتكلم في شأن زواجها حتى تنتهي عدتها.
وقد أشار بقوله: لا يحل إلى أن مجاوزة الإحداد من ثلاثة أيام على غير الزوج حرام تغضب الله ورسوله. ولذا فإن كثيرا من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم ونساء الصحابة كن [1] رواه البخاري في كتاب: الطلاق، باب: تحدّ المتوفى عنها أربعة أشهر وعشرا (5334) . ورواه مسلم في كتاب: الطلاق، باب: وجوب الإحداد في عدة الوفاة وتحريمه في غير ذلك إلا ثلاثة أيام (3710) . [2] محظور: ممنوع ومحرّم. [3] السأم: الملل.