سالف الزمان؛ حتى يصير في خبر كان. ولذا محقت البركة من الأموال وسلطت عليها الأرزاء والأدواء وصارت منبع آلام وشقاء، بدل أن تكون سبيل سعادة وهناءة.
فكل واحد من هؤلاء السبعة في الذروة من التقوى والصلاح والمنزلة العليا من منازل الأبرار والمتقين؛ فلا غرو أن كلأهم الله بحفظه وحاطهم بحياطته؛ ومن كان في كنف الله لم ترهقه النوائب ولم ترق إليه الخطوب والأهوال [1] .
123- باب: جزاء الانتحار وقتل النفس
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من تردّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنّم يتردّى فيه خالدا مخلّدا فيها أبدا، ومن تحسّى سمّا فقتل نفسه، فسمّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالدا مخلّدا فيها أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة، فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالدا مخلّدا فيها أبدا» . [رواه البخاري [2] ] .
الشرح:
إن الصبر على المكاره من علامات قوة العزيمة، والجزع واليأس من صفات أهل الضعف والخور، فالعاقل من رضي بالعيش حلوه ومره وقابل الشدائد بعزيمة ثابتة وجنان [3] قوي، علما بأن الأمور بيد الله، وأن العسر يعقبه اليسر، والضيق يأتي بعده الفرج، والفقر يزول بالغنى؛ لا دوام لحال ولا استمرار.
فمن حدّثته نفسه بالانتحار لضيق معيشته، أو مرض طالت مدته؛ أو إخفاق في امتحان، أو ضياع مال، أو فقد حبيب فيسعى للتخلص من الحياة بأن يلقي نفسه من [1] الأهوال: الهول: الأمر الشديد والمخيف المفزع. [2] رواه البخاري في كتاب: الطب، باب: شرب السم والدواء به وما ... (5778) . ورواه مسلم في كتاب: الإيمان، باب: غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه وإن ... (297) . [3] الجنان: القلب.