والنصح لهم في اختيار إمام عادل، ويقوم على دين الله بالحفظ، وعلى ملكه بالعدل، يقيم حدود الله، ويقدس الحق، يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر. ويتفقد المصالح العامة- مصلحتهم في تخير الإمام العادل- في سوق مصالحه الخاصة. فطلب الحظ لنفسه في غش الرعية. وأراد الطعام الدسم، في سم زعاف قدمه للبرية ومن هذا الوادي الأشخاص الذين ينتسبون لحزب خاص لا لنصرة مبادئه. والعمل تحت لوائه وطلب الخير للأمة من طريقه، بل لمارب شخصية، إن نالوها شكروا له، وإن منعوها انتقضوا عليه. وسلقوه بألسنة حداد ورموه بكل منكر وزور.
أولئك لا خلاق لهم في الآخرة وأولئك الذين في قلوبهم مرض.
وثالث الثلاثة: رجل يغش المسلمين بامتهان اسم الله المقدس
، والحلف به زورا. لينال عرضا زائلا، وربحا كاسدا، وما هو بنائله. فيعرض سلعته وقت قيام السوق، والظاهر أنها كانت تقام إذ ذاك بعد العصر. أو خص هذا الوقت بالذكر لقرب العهد بالصلاة فكان الظاهر أن يرعوي [1] بها عن الكذب ولكن لم يرعوا. فكانت جريمته عند الله أشد وكأنه الرسول صلى الله عليه وسلم قال: - بعد الصلاة- ويقيمها بالأيمان المغلظة، ويروجها بالعبارات الكاذبة، فيقول لرواد التجارة: والله الذي لا إله غيره لقد قدرت هذه السلعة ودفع لي خمسة وعشرون أو ستة وعشرون أو ... وما قبلت، يريد بذلك ترغيب المشتري في الأخذ بأزيد مما قال، فصدقه رجل في يمينه التي أكدها أشد التأكيد، وأخذها منه بما قال، أو بما زاد. والواقع أنها لم تقدر بذلك ولم يعط بها الثمن الذي ذكر، بل كذب على أخيه وغشه في الثمن واستهزأ بالله إذ اتخذ اسمه وسيلة للكذب، والتلبيس على الناس.
ثم قرأ صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا [2] الآية ليؤكد قوله، ويزيد النفوس إيمانا به وتصديقا له. وواضح دخول المبايعة في عهد الله. ودخول ترويج السلعة بالحلف الكذب في الأيمان. بل هما داخلان تحت العهد والأيمان إذ الأكثر في العهد أن يقرن باليمين. والأيمان تقال للعهود أيضا. وأما دخول من منع الماء وارديه فغير واضح. فالظاهر أن الاستشهاد بالآية على الأخيرين. [1] يرعوي: يكف ويبتعد. [2] سورة آل عمران، الآية: 77.