الأذى عنه من عطش، أو جوع أو مرض أو حر، أو برد، أو حمل ثقيل، أو عمل شديد، أو غير ذلك مما يتأذى به الحيوان، وتشمل إيصال ضروب النفع له من تقديم الطعام والشراب والسكن له وإزالة الدرن عن جسمه. بل الكبد الرطبة تشمل الإنسان والحيوان. فكل عمل تعمله تزيل به ضرا. أو تجلب به نفعا لإنسان أو حيوان لك أجر فيه.
ولا تستكثر الشكر من الله والمغفرة لهذا الذي أنقذ الكلب من ظمئه. فإنه نزل البئر له خاصة ليسقيه. وملأ خفه بالماء. وذلك مما يضر بجلده. وأمسكه بفمه وذلك مما يعافّه المتكبرون. وعانى ما عنى من النزول والصعود مثل ما عانى لنفسه. كل ذلك تجشمه [1] في سبيل رأفته بالحيوان الظمان. وهل ترى نفسا تبلغ منها الرحمة يالحيوان هذا المبلغ لا تكون رحمتها بالناس أشد؟ إن هذا العمل ليدّل على شعور راق. ورحمة فياضة. سكنت تلك النفس العالية. فكانت لا ريب خليقة بهذا الجزاء. والراحمون يرحمهم الرحمن، ولعلك عرفت من هذا الحديث تربية الشدائد للنفوس. وأنها تدعوها للخير. وتلفتها إلى مثل ما حل بها. فتعمل على دفعه كما عملت لنفسه. ومن ذاق الآلام المريرة شعر بالام الناس. وتلك حكمة من حكم الصيام أنه يزكي في الناس الشعور بحال البائسين فيمدون أيديهم بالإحسان إليهم.
فالحديث يحث على الرأفة بالحيوان ودفع الضر عنه. ويحبذ النصب في سبيله ويعظم الأجر على ذلك. وهذا الحديث أصل في إنشاء جمعيات الرفق بالحيوان.
ويشكر للذين يقيمون حياضا في الطرق ليشرب منها الحيوان.
18- باب: عقاب من آذى الحيوان
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عذّبت امرأة في هرّة حبستها حتى ماتت جوعا فدخلت فيها النّار» ، وفي رواية:
«دخلت امرأة النّار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش [1] تجشمه، التجشم: تحمل المصاعب.