اللغة:
الخصومة: المنازعة والمجادلة، وفي بعض الروايات جلبة، خصام، والجلبة: اختلاط الأصوات، والبشر: الخلق يقال للجماعة والواحد، والخصم المنازع وهو في الأصل اسم مصدر يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع، والذكر والمؤنث ويجوز تثنيته وجمعه، وأبلغ أكثر بلاغه. وللمتقدمين في بيان البلاغة عبارات مختلفة. فقيل: هي أن يبلغ المرء بعبارة لسانه كنه ما في قلبه. وقيل: إيصال المعنى إلى الغير بأحسن لفظ. وقيل: قليل لا يبهم وكثير لا يسأل. وقيل: إجمال اللفظ واتساع المعنى وقيل: حسن الإيجاز مع إصابة المعنى. وقيل: الإيجاز من غير عجز والإطناب من غير خطأ. وقيل: النطق في موضعه والسكوت في موضعه وقيل:
غير ذلك وأنسب المعاني بحديثنا أولها.
أما المتأخرون فعرفوها بأنها مطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته وأحسب: أظن. هذا وقد جاء في رواية للشيخين: «ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض» [1] . أي أعرف بالحجة وأفطن لها من غيره. وأصل اللحن الميل عن جهة الاستقامة يقال: لحن فلان في كلامه إذا مال عن صحيح المنطق. وجاء في رواية لأبي داود زيادة: فبكى الرجلان وقال كل منهما حقي لك. فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: «أما إذا فعلتما فاقتسما، وتوخيا الحق. ثم استهما ثم تحاللا» [2] .
الشرح:
كان لأزواج الرسول صلى الله عليه وسلم حجرات بجوار مسجده المعروف. ومن بينها حجرة أم سلمة.
فبينما النبي صلى الله عليه وسلم في حجرتها إذ سمع ببابها نزاعا ومحاورة، وخصاما ومجادلة.
ارتفعت فيها الأصوات. واختلط بعضها ببعض، وكان ذلك على إرث قديم كما صرّح بذلك في رواية.
فخرج إلى الخصوم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم لهم هذه العظة البالغة، قبل أن يقضي
- ورواه مسلم في كتاب: الأقضية، باب: الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (4450) . ورواه أبو داود في كتاب: الأقضية، باب: في قضاء القاضي إذا أخطأ (3583) . [1] رواه مسلم في كتاب: الأقضية، الحكم بالظاهر واللحن بالحجة (4448) . رواه البخاري في كتاب المظالم، باب: إثم من خاصم في باطل وهو يعلمه (2458) . [2] رواه ابو داود في كتاب: الأقضية، باب: في قضاء القاضي إذا أخطأ (3584) .