فكان السلف لا يصلون معه، وفي الآثار أن بعض التابعين صلوا الظهر في خطبة الحجاج الظالم في الجمعة بالإشارة، فإنه كان يطيل الخطبة إلى أن يدخل العصر، وكان السلف يخافون على أنفسهم فصلوا بالإشارة، فإذن تعجيل أنس لم يكن فيصلاً بين المذهبين، فإنه تعجيل من تأخير الحجاج الذي يميت الصلوات.
قوله: (يرقب الشمس الخ) أجمعوا على كراهية الصلاة تحريماً بعد الاصفرار، وأما حد الاصفرار، فقال قاضي خان: إنه تغير ضياء الشمس، وقيل: تغير قرص الشمس، والمختار قول قاضي خان.
قوله: (قرني الشيطان الخ) الصحيح شرحاً حمل الحديث على الظاهر، في الحديث: «يقوم الشيطان عند الشمس» ، وأما الشروح الأخر من الاستعارات والتمثيل فسقيمة عندي، والقرنان جانبا الرأس.
واعلم أن الأرض كروية اتفاقاً، فيكون طلوع الشمس وغروبها في جميع الأوقات، فقيل: إن الشياطين كثيرة، فيكون شيطان لبلدة وشيطان آخر لبلدة أخرى وهكذا، وعلى كروية الأرض تكون ليلة القدر مختلفة وكذلك يكون نزول الله تعالى أيضاً متعدداً وظني أن سجدة الشمس بعد الغروب تحت العرش المذكور في حديث أبي ذر في الترمذي والصحيحين لا تكون متعددة بل تكون بعد دورة واحدة لا حين كلٍ من الغوارب المختلفة بحسب تعدد البلاد، وعيَّن موضعها الشيخ الأكبر وكذا ابن كثير.
قوله: (فنقر أربعاً) هذا يدل على وجوب تعديل الأركان، فإن الشريعة عدت السجدات الثمانية الخالية عن الجلسة أربع سجدات، وعن أبي حنيفة: من ترك القومة أو الجلسة أخاف أن لا تجوز صلاته، وأيضاً ما يمكن لنا الاستدلال بحديث الباب على عدم فساد صلاة العصر بغروب الشمس، بخلاف صلاة الفجر عند طلوع الشمس، وأما حديث: «من أدرك ركعة من الصبح فقد أدرك الفجر، ومن أدرك ركعة» الخ فسيجيء شرحه، ووجه الاستدلال بحديث الباب أن الشريعة سماها صلاة مع كونها عند الغروب، وأما تقييد أنها صلاة المنافق فنقول أيضاً بكراهتها تحريماً مع بقاء وجودها.