responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 309
وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا} [القصص: 79 - 80] (الْقَصَصِ: 79 - 80) . وَأَمَّا قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 32] (النِّسَاءِ: 32) ، فَقَدْ فُسِّرَ ذَلِكَ بِالْحَسَدِ، وَهُوَ تَمَنِّي الرَّجُلِ نَفْسَ مَا أُعْطِيَ أَخُوهُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالٍ، وَأَنْ يَنْتَقِلَ ذَلِكَ إِلَيْهِ، وَفُسِّرَ بِتَمَنِّي مَا هُوَ مُمْتَنِعٌ شَرْعًا أَوْ قَدَرًا، كَتَمَنِّي النِّسَاءِ أَنْ يَكُنَّ رِجَالًا، أَوْ يَكُونُ لَهُنَّ مِثْلُ مَا لِلرِّجَالِ مِنَ الْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ كَالْجِهَادِ، وَالدُّنْيَوِيَّةِ كَالْمِيرَاثِ، وَالْعَقْلِ وَالشَّهَادَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَقِيلَ: إِنَّ الْآيَةَ تَشْمَلُ ذَلِكَ كُلَّهُ.
وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ، فَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَحْزَنَ لِفَوَاتِ الْفَضَائِلِ الدِّينِيَّةِ، وَلِهَذَا أَمَرَ أَنْ يَنْظُرَ فِي الدِّينِ إِلَى مَنْ فَوْقَهُ، وَأَنْ يُنَافِسَ فِي طَلَبِ ذَلِكَ جُهْدَهُ وَطَاقَتَهُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ (الْمُطَفِّفِينَ: 26) وَلَا يَكْرَهُ أَنَّ أَحَدًا يُشَارِكُهُ فِي ذَلِكَ، بَلْ يُحِبُّ لِلنَّاسِ كُلِّهِمُ الْمُنَافَسَةَ فِيهِ، وَيَحُثُّهُمْ عَلَى ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ تَمَامِ أَدَاءِ النَّصِيحَةِ لِلْإِخْوَانِ. كَمَا قَالَ الْفُضَيْلُ: إِنْ كُنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ مِثْلَكَ، فَمَا أَدَّيْتَ النَّصِيحَةَ لِرَبِّكَ، كَيْفَ وَأَنْتَ تُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا دُونَكَ؟ ! يُشِيرُ إِلَى أَنَّ النَّصِيحَةَ لَهُمْ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا فَوْقَهُ، وَهَذِهِ مَنْزِلَةٌ عَالِيَةٌ، وَدَرَجَةٌ رَفِيعَةٌ فِي النُّصْحِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ، وَإِنَّمَا الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الشَّرْعِ أَنْ يُحِبَّ أَنْ يَكُونُوا مِثْلَهُ، وَمَعَ هَذَا، فَإِذَا فَاقَهُ أَحَدٌ فِي فَضِيلَةٍ دِينِيَّةٍ، اجْتَهَدَ عَلَى لِحَاقِهِ، وَحَزِنَ عَلَى تَقْصِيرِ نَفْسِهِ، وَتَخَلُّفِهِ عَنْ لِحَاقِ السَّابِقِينَ، لَا حَسَدًا لَهُمْ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ، بَلْ مُنَافَسَةً لَهُمْ، وَغِبْطَةً وَحُزْنًا عَلَى النَّفْسِ بِتَقْصِيرِهَا وَتَخَلُّفِهَا عَنْ دَرَجَاتِ السَّابِقِينَ.

وَيَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أَنْ لَا يَزَالَ يَرَى نَفْسَهُ مُقَصِّرًا عَنِ الدَّرَجَاتِ الْعَالِيَةِ، فَيَسْتَفِيدُ بِذَلِكَ أَمْرَيْنِ نَفِيسَيْنِ: الِاجْتِهَادُ فِي طَلَبِ الْفَضَائِلِ، وَالِازْدِيَادُ مِنْهَا، وَالنَّظَرُ إِلَى نَفْسِهِ بِعَيْنِ النَّقْصِ، وَيَنْشَأُ مِنْ هَذَا أَنْ يُحِبَّ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُ، لِأَنَّهُ لَا يَرْضَى لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا عَلَى مِثْلِ حَالِهِ، كَمَا أَنَّهُ لَا يَرْضَى لِنَفْسِهِ بِمَا هِيَ عَلَيْهِ،

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 309
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست