responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 411
وَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: لِيَتَّقِ أَحَدُكُمْ أَنْ تَلْعَنَهُ قُلُوبُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُوَ لَا يَشْعُرُ، يَخْلُو بِمَعَاصِي اللَّهِ، فَيُلْقِي اللَّهُ لَهُ الْبُغْضَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ. وَقَالَ سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ: إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصِيبُ الذَّنْبَ فِي السِّرِّ فَيُصْبِحُ وَعَلَيْهِ مَذَلَّتُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إِنَّ الْعَبْدَ لِيُذْنِبُ الذَّنْبَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، ثُمَّ يَجِيءُ إِلَى إِخْوَانِهِ، فَيَرَوْنَ أَثَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَهَذَا مِنْ أَعْظَمِ الْأَدِلَّةِ عَلَى وُجُودِ الْإِلَهِ الْحَقِّ الْمُجَازِي بِذَرَّاتِ الْأَعْمَالِ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ الْآخِرَةِ، وَلَا يَضِيعُ عِنْدَهُ عَمَلُ عَامِلٍ، وَلَا يَنْفَعُ مِنْ قُدْرَتِهِ حِجَابٌ وَلَا اسْتِتَارٌ، فَالسَّعِيدُ مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ، فَإِنَّهُ مَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْخَلْقِ، وَمَنِ الْتَمَسَ مَحَامِدَ النَّاسِ بِسُخْطِ اللَّهِ، عَادَ حَامِدُهُ مِنَ النَّاسِ ذَامًّا لَهُ. قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: إِنَّ الْخَاسِرَ مَنْ أَبْدَى لِلنَّاسِ صَالِحَ عَمَلِهِ، وَبَارَزَ بِالْقَبِيحِ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ. وَمِنْ أَعْجَبِ مَا رُوِيَ فِي هَذَا مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ السَّائِحِ قَالَ: كَانَ حَبِيبٌ أَبُو مُحَمَّدٍ تَاجِرًا يَكْرِي الدَّرَاهِمَ، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ، فَإِذَا هُوَ بِصِبْيَانٍ يَلْعَبُونَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: قَدْ جَاءَ آكِلُ الرِّبَا، فَنَكَّسَ رَأْسَهُ، وَقَالَ: يَا رَبِّ، أَفْشَيْتَ سِرِّي إِلَى الصِّبْيَانِ، فَرَجَعَ فَجَمَعَ مَالَهُ كُلَّهُ، وَقَالَ: يَا رَبِّ إِنِّي أَسِيرٌ، وَإِنِّي قَدِ اشْتَرَيْتُ نَفْسِي مِنْكَ بِهَذَا الْمَالِ فَأَعْتِقْنِي، فَلَمَّا أَصْبَحَ تَصَدَّقَ بِالْمَالِ كُلِّهِ وَأَخَذَ فِي الْعِبَادَةِ، ثُمَّ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِأُولَئِكَ الصِّبْيَانِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: اسْكُتُوا فَقَدْ جَاءَ حَبِيبٌ الْعَابِدُ، فَبَكَى وَقَالَ: يَا رَبِّ أَنْتَ تَذُمُّ مَرَّةً وَتَحْمَدُ مَرَّةً، وَكُلُّهُ مِنْ عِنْدِكَ.

وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " «وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الْحَسَنَةَ تَمْحُهَا» " لَمَّا كَانَ الْعَبْدُ مَأْمُورًا بِالتَّقْوَى فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ مَعَ أَنَّهُ لَابُدَّ أَنْ يَقَعَ مِنْهُ أَحْيَانًا تَفْرِيطٌ فِي التَّقْوَى، إِمَّا بِتَرْكِ بَعْضِ الْمَأْمُورَاتِ، أَوْ بِارْتِكَابِ بَعْضِ الْمَحْظُورَاتِ، فَأَمَرَهُ بِأَنْ يَفْعَلَ مَا يَمْحُو بِهِ هَذِهِ

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 411
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست