responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 501
" الْحَيَاءُ خُلَّةٌ أُوتُوهَا وَمُنِعْتُمُوهَا» ".
وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَيَاءَ نَوْعَانِ: أَحَدُهُمَا: مَا كَانَ خُلُقًا وَجِبِلَّةً غَيْرَ مُكْتَسَبٍ، وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الْأَخْلَاقِ الَّتِي يَمْنَحُهَا اللَّهُ الْعَبْدَ وَيَجْبُلُهُ عَلَيْهَا، وَلِهَذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الْحَيَاءُ لَا يَأْتِي إِلَّا بِخَيْرٍ» " فَإِنَّهُ يَكُفُّ عَنِ ارْتِكَابِ الْقَبَائِحِ وَدَنَاءَةِ الْأَخْلَاقِ، وَيَحُثُّ عَلَى اسْتِعْمَالِ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ وَمَعَالِيهَا، فَهُوَ مِنْ خِصَالِ الْإِيمَانِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: مَنِ اسْتَحْيَا، اخْتَفَى، وَمَنِ اخْتَفَى، اتَّقَى، وَمَنِ اتَّقَى وُقِيَ.
وَقَالَ الْجَرَّاحُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَكَمِيُّ - وَكَانَ فَارِسَ أَهْلِ الشَّامِ -: تَرَكْتُ الذُّنُوبَ حَيَاءً أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ أَدْرَكَنِي الْوَرَعُ. وَعَنْ بَعْضِهِمْ قَالَ: رَأَيْتُ الْمَعَاصِي نَذَالَةً، فَتَرَكْتُهَا مُرُوءَةً فَاسْتَحَالَتْ دِيَانَةً.
النَّوْعُ الثَّانِي: مَا كَانَ مُكْتَسَبًا مِنْ مَعْرِفَةِ اللَّهِ، وَمَعْرِفَةِ عَظَمَتِهِ وَقُرْبِهِ مِنْ عِبَادِهِ، وَاطِّلَاعِهِ عَلَيْهِمْ، وَعِلْمِهِ بِخَائِنَةِ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ، فَهَذَا مِنْ أَعْلَى خِصَالِ الْإِيمَانِ، بَلْ هُوَ مِنْ أَعْلَى دَرَجَاتِ الْإِحْسَانِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ «النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: " اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ كَمَا تَسْتَحْيِي رَجُلًا مِنْ صَالِحِ عَشِيرَتِكَ» ".
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «الِاسْتِحْيَاءُ مِنَ اللَّهِ أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى، وَأَنْ تَذْكُرَ الْمَوْتَ وَالْبِلَى؛ وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ» " خَرَّجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ مَرْفُوعًا.

نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت الأرنؤوط نویسنده : ابن رجب الحنبلي    جلد : 1  صفحه : 501
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست