نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل نویسنده : ابن رجب الحنبلي جلد : 1 صفحه : 333
لا يكون المؤمنُ مؤمناً حقاً حتى يرضى للناسِ ما يرضاه لنفسه، وإنْ رأى في غيره فضيلةً فاق بها عليه فيتمنى لنفسه مثلها، فإنْ كانت تلك الفضيلةُ دينية، كان حسناً، وقد تمنى النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لنفسه منْزلةَ الشَّهادة [1] .
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حسدَ إلاَّ في اثنتين: رجل آتاهُ الله مالاً، فهو يُنفقهُ آناءَ الليلِ وآناءَ النَّهارِ، ورجُلٌ آتاهُ الله القرآن، فهو يقرؤهُ آناءَ الليل وآناءَ النهار)) [2] .
وقال في الذي رأى مَنْ [3] ينفق مالَه في طاعة الله، فقال: ((لو أنَّ لي مالاً، لفعلتُ فيه كما فعل، فهما في الأجر سواءٌ)) [4] وإنْ كانت دنيويةً، فلا خيرَ في تمنيها، كما قال تعالى: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً} [5] . وأما قول الله - عز وجل -
: {وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ} [6] ، فقد فُسِّرَ ذلك بالحسد، وهو تمنِّي الرجل نفس ما أُعطي أخوه من أهلٍ ومال، وأنْ ينتقل ذلك إليه، وفُسِّرَ بتمني ما هو ممتنع شرعاً أو قدراً، كتمني النِّساءِ [7] أنْ يكنَّ رجالاً، أو يكون لهن مثلُ ما للرجالِ من الفضائلِ الدينية كالجهاد، والدنيوية كالميراثِ والعقلِ والشهادةِ
ونحو ذلك، وقيل: إنَّ الآية تشمل ذلك كُلَّه [8] .
ومع هذا كُلِّه، فينبغي للمؤمن أنْ يحزنَ لفواتِ الفضائل الدينية، ولهذا أُمِرَ أنْ ينظر في الدين إلى مَنْ فوقَه، وأنْ يُنافِسَ في طلب ذلك جهده وطاقته، كما قال تعالى: [1] حديث تمني النبي - صلى الله عليه وسلم - الشهادة أخرجه: البخاري 1/15 (36) ، ومسلم 6/33 (1876)
(103) و6/64 (1876) (106) من حديث أبي هريرة. [2] أخرجه: البخاري 1/28 (73) و2/134 (1409) ، ومسلم 2/201 (816)
(268) ، من حديث عبد الله بن مسعود. [3] عبارة: ((رأى من)) سقطت من (ص) . [4] أخرجه: البخاري 6/236 (5026) من حديث أبي هريرة، به. [5] القصص: 79-80. [6] النساء: 32. [7] سقطت من (ص) . [8] انظر: تفسير مجاهد: 154، وتفسير الطبري (7319) و (7320) و (7321)
و (7322) ، وتفسير ابن أبي حاتم 3/935 (5226) ، وتفسير القرطبي 5/162-163، والبحر المحيط 1/609، وأسباب النزول عن الصحابة والمفسرين: 66.
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل نویسنده : ابن رجب الحنبلي جلد : 1 صفحه : 333