نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل نویسنده : ابن رجب الحنبلي جلد : 1 صفحه : 356
ومن لم يره خروجاً عن الدِّين، فاختلفوا هل يلحقُ بتارك الدِّين في القتل، لكونه ترك أحدَ مباني الإسلام أم لا؟ لكونه لم يخرج عن الدِّين.
ومِنْ هذا الباب ما قاله كثيرٌ من العلماء في قتل الدَّاعية إلى البدع، فإنَّهم نظروا إلى أنَّ ذلك شبيهٌ بالخروج عَنِ الدِّين، وهو ذريعةٌ ووسيلة إليه، فإن استخفى بذلك ولم يَدْعُ غيرَه، كان حُكمُه حكمَ المنافقين إذا استخفَوا، وإذا دعا إلى ذلك، تَغَلَّظ جرمُه بإفساد دين الأمة [1] . وقد صحَّ عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الأمر بقتال الخوارج وقتلهم [2] . وقد اختلف العلماء في حكمهم.
فمنهم من قال: هم كفَّارٌ، فيكون قتلُهم لكفرهم [3] .
ومنهم من قال: إنَّما يُقتلون لفسادهم في الأرض [4] بسفكِ دماءِ المسلمين وتكفيرهم لهم، وهو قولُ مالكٍ وطائفة من أصحابنا، وأجازوا الابتداء بقتالهم، والإجهازَ على جريحهم.
ومنهم من قال: إن دَعَوْا إلى ما هُمْ عليه، قوتلوا، وإنْ أظهروه ولم يدعوا إليه لم يُقاتلوا، وهو نصُّ أحمد وإسحاق، وهو يرجع إلى قتال من دعا إلى بدعة مغلظة.
ومنهم من لم يرَ البداءة بقتالهم حتّى يبدءوا بقتالٍ يُبيح قتالَهم مِنْ سفك دماءٍ
ونحوه، كما رُوِيَ عن عليٍّ، وهو قولُ الشافعي وكثيرٍ من أصحابنا [5] .
وقد روي من وجوه متعددة أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل رجلٍ كان يُصلي، وقال: ((لو قتل، لكان أوَّلَ فتنةٍ وآخرها)) [6] ، [1] الإيمان لابن تيمية: 225-226، والولاء والبراء في الإسلام: 308. [2] أخرجه: الطيالسي (168) ، وأحمد 1/81 و113 و131 و156، والبخاري 4/244
(3611) و6/243 (5057) و9/21 (6930) ، ومسلم 3/113-114 (1066) (154) ، وأبو داود (4767) ، والنسائي 7/119، وأبو يعلى (261) و (324) ، وأبو القاسم البغوي في " الجعديات " (2595) ، وابن حبان (6739) ، والبيهقي 8/187-188 وفي " دلائل النبوة "، له 6/430، والبغوي (2554) من حديث علي بن أبي طالب، به. [3] انظر: فتح الباري 6/755، والمسائل والرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة 2/352. [4] ((في الأرض)) سقطت من (ص) . [5] انظر: شرح النووي لصحيح مسلم 4/161-163. [6] أخرجه: أحمد 5/42 من حديث أبي بكرة، به.
وأخرجه: البزار كما في " كشف الأستار " (1851) ، وأبو نعيم في " الحلية " 3/52 و53 و226، والبيهقي في " دلائل النبوة " 6/287-288 من حديث أنس بن مالك، به.
وانظر: مجمع الزوائد 6/225-226، وفتح الباري 12/299.
نام کتاب : جامع العلوم والحكم - ت ماهر الفحل نویسنده : ابن رجب الحنبلي جلد : 1 صفحه : 356