الشعبي، وأما زيادة من زاد عمرو بن ميمون، والحرث بن سويد فالحكم لهم،
وأمّا سقوطهما فلا يضر أيضا لمعرفتنا بأنهما هما؛ لثقتهما وعدالتهما؛ لأنّ
مقتضى المشهور من حكم المحدّثين أن يحكم بالزيادة ويجعل ما بين إبراهيم
وعمرو منقطعا؛ لأن الظّاهر أنّ الإنسان لا يروي حديثا عن رجل عن ثالث
وقد رواه هو عن ذلك والثالث لقدرته على إسقاط أواسطه، ولكن إذا عارض
هذا الظاهر دليل أقوى منه عمل به كما فعل في أحاديث حكم فيها بأنّ
الراوي علا وترك في حديث واحد، فرواه على الوجهين، وفي هذا الحديث قد
ذكرنا زيادة زائدة وهي أنّ التيمي قال: ثنا عمرو بن ميمون فصرح بالتحدّيث
فمقتضي هذا التصريح لقائل أن يقول: لعلّ إبراهيم سمعه من عمرو ومن
الحرث بن سويد عنه، ووجه أخر: وهو أن يقال إن كان متصلا فيما بين
التيمي وعمرو فذلك وإن كان منقطعا فقد تبيّن الواسطة وهو من أكبر الثقات،
وأمّا من أعله برواية يزيد بن أبي زياد فتعليل ضعيف؛ لأنه إنّما تعليل رواية إذا
اتحدا في الصحة حديث يزيد ليس كذلك لضعفه، وأمّا تعليل البخاري
الحديث بانقطاع ما بين أبي عبد الله وخزيمة؛ فهي طريقة له مشهورة وهي
بثوت السماع للراوي من المروي عنه ولو مرة، وقد أطنب مسلم في ردِّ هذه
المقالة واكتفي بإمكان اللقاء، وإلى هذا نجا البستي ومن تابعه في تصحيحه،
وذلك أنّ خزيمة توفي بصفين وسن الجدلي إذ ذاك سن الرجل على ما ذكره
الطبري وغيره، ولما عضد حديث التيمي عن الحرث بن سويد من شواهد
ومتابعات، والله تعالى أعلم. من ذلك حديث عوف بن مالك الأشجعي أنّ
رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أمر بالمسح على الخفين في غزوة تبوك ثلاثة أيّام ولياليهن
للمسافر ويوما وليلة للمقيم " [1] . ثنا به ابن دقيق العيد- رحمه الله تعالى-
قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا العلامة/أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي
ثنا الحافظ أبو طاهر السلفي قراءة عليه ثنا الرئيس أبو عبد الله ثنا هلال بن
محمد بن جعفر ببغداد ثنا الحسين بن يحيى بن عباس ثنا إبراهيم بن معشر ثنا
هشيم عن داود بن عمرو عن يسير بن عبيد الله عن أبي إدريس ثنا عوف بن
مالك به قال عبد الله: سمعت أبي حين حدّث بحديث عوف وهو من أجود
حديث في المسح على الخفين؛ لأنه في غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها النبي [1] تقدم من أحاديث الباب.