الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ألا تمس المصحف وأنت غير طاهر ". ذه ابن أبي داود في
كتابه عن أحمد بن الحباب الحميري ثنا أبو صالح الحكم بن المبارك الحبشي ثنا
محمد بن راشد عن إسماعيل المكي عن القاسم بن أبي بزة عنه ومحمد بن
راشد وشيخه متكلم فيهما، قال أبو محمد الفارسي: وقراءة القرآن والسجود
فيه ومس المصحف وذكر الله جائز كل ذلك بوضوء وبلا وضوء للجنب
والحائض: برهان ذلك أن هذه أفعال خير مندوب إليها أما جواز فعليها فمن
ادعى المنع منها في بعض الأحوال كلف أن يأتي البرهان، ويعد قول ربيعة
وابن المسيب وابن عباس وسعيد بن جبير وقول داود وجمع أصحابنا، وأما
مس المصحف فإن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه فإنه لا يصح
فيها شيء؛ لأنها إما مرسلة وإما ضعيفة لا يستر، وإما عن مجهول وإما عن
ضعيف، والصحيح حديث ابن عباس عن أبي سفيان أنه كان عند هرقل
فجيء/بكتاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي بعث به دحية إلى عظيم كسرى فدفعه إلى
هرقل فقرأه فإذا فيه: " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى
هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإنى أدعوك بدعاية
الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليكم إثم
الأرمسيين ويا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا
الله ولا نشرك به شيئا، ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا
فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون [1] . بهذا النبي عليه الصلاة والسلام قد بعث
كتاب فيه قرآن إلى البصري وقد اتقن أنهم يمسون ذلك الكتاب فإن ذكروا
حديث ابن عمر: " كان نبي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ينهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو
مخافة أن يناله العدو " فهذا حق يلزم اتباعه وليس فيه أن لا يمس المصحف
جنب ولا كافر، وإنما فيه أن لا ينال أهل الحرب القرآن فقط، فإن قالوا إنما
بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى هرقل بآية واحدة قيل لهم ولم يمنع عليه السلام من غيرها
وأنتم أهل قياس فإن لم تقيسوا على الآية ما هو أكثر منها فلا تقيسوا على [1] راجع القصة في " البداية والنهاية ".