responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 149
اقْبِضْنِي إِلَيْكَ غَيْرَ مَفْتُونٍ» " اهـ.
وَاسْتَبْعَدَ الْأَبِيُّ الثَّالِثَ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ: " «الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ» " قَالَ: إِلَّا أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ قَبْلُ.
(وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ) فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيُحْتَمَلُ تَمَنِّي لِقَائِهِمْ بَعْدَ الْمَوْتِ قَالَهُ عِيَاضٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَنْقُلَ أَصْحَابَهُ مِنْ عِلْمِ الْيَقِينِ إِلَى عَيْنِ الْيَقِينِ وَيَرَاهُمْ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ، وَفِي رِوَايَةٍ: أَنِّي لَقِيتُ (إِخْوَانَنَا) قِيلَ وَجْهُ اتِّصَالِ وَدِّهِ ذَلِكَ بِرُؤْيَةِ أَصْحَابِ الْقُبُورِ أَنَّهُ عِنْدَ تَصَوُّرِهِ السَّابِقِينَ تَصَوَّرَ اللَّاحِقِينَ أَوْ كُشِفَ لَهُ عَنْ عَالَمِ الْأَرْوَاحِ السَّابِقِينَ وَاللَّاحِقِينَ.
( «فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْنَا بِإِخْوَانِكَ؟ قَالَ: بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي» ) قَالَ الْبَاجِيُّ: لَمْ يَنْفِ بِذَلِكَ أُخُوَّتَهُمْ وَلَكِنْ ذَكَرَ مَرْتَبَتَهُمُ الزَّائِدَةَ بِالصُّحْبَةِ وَاخْتِصَاصَهُمْ بِهَا، وَإِنَّمَا مَنَعَ أَنْ يُسَمَّوْا بِذَلِكَ لِأَنَّ التَّسْمِيَةَ وَالْوَصْفَ عَلَى سَبِيلِ الثَّنَاءِ وَالْمَدْحِ لِلْمُسَمَّى يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بِأَرْفَعِ حَالَاتِهِ وَأَفْضَلِ صِفَاتِهِ، وَلِلصَّحَابَةِ بِالصُّحْبَةِ دَرَجَةٌ لَا يَلْحَقُهُمْ فِيهَا أَحَدٌ فَيَجِبُ أَنْ يُوصَفُوا بِهَا اهـ.
وَقَبِلَهُ عِيَاضٌ ثُمَّ النَّوَوِيُّ وَزَادَ: فَهَؤُلَاءِ إِخْوَةٌ صَحَابَةٌ، وَالَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا إِخْوَةٌ لَيْسُوا بِصَحَابَةٍ.
وَقَالَ الْأَبِيُّ: حَمَلَ الْبَاجِيُّ الْأُخُوَّةَ عَلَى أَنَّهَا فِي الْإِيمَانِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الصُّحْبَةَ أَخَصُّ، وَحَمَلَهَا أَبُو عُمَرَ عَلَى أُخُوَّةِ الْعِلْمِ وَالْقِيَامِ بِالْحَقِّ عِنْدَ قِلَّةِ الْقَائِمِينَ بِهِ، الْمَقُولُ فِيهِمْ وَهُوَ يُخَاطِبُ أَصْحَابَهُ: لِلْعَامِلِ مِنْهُمْ أَجْرُ سَبْعِينَ مِنْكُمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا وَصَفَهُمْ بِهِ، وَرَأَى أَنَّ هَذِهِ الْأُخُوَّةَ أَخَصُّ مِنْ مُطْلَقِ الصُّحْبَةِ وَلَا يَبْعُدُ كُلٌّ مِنَ الْحَمْلَيْنِ.
(وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ) وَدَلَّ بِإِثْبَاتِ الْأُخُوَّةِ لِهَؤُلَاءِ عَلَى عُلُوِّ مَرْتَبَتِهِمْ وَأَنَّهُمْ حَازُوا الْآخِرِيَّةِ كَمَا حَازَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ فَضِيلَةَ الْأَوَّلِيَّةِ وَهُمُ الْغُرَبَاءُ الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: " «بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا» " فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ وَهُمُ الْخُلَفَاءُ الَّذِينَ أَفَادَهُمْ بِقَوْلِهِ: " «رَحِمَ اللَّهُ خُلَفَائِي» " وَهُمُ الْقَابِضُونَ عَلَى دِينِهِمْ عِنْدَ الْفِتَنِ، الْمُشَارُ إِلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ: " «الْقَابِضُ عَلَى دِينِهِ كَالْقَابِضِ عَلَى الْجَمْرِ» " وَهُمُ الْمُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَعْسُرُ عَلَى الْفَطِنِ اسْتِخْرَاجُهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ، وَأَوْرَدَ كَيْفَ يَتَمَنَّى رُؤْيَتَهُمْ وَهُوَ حَيٌّ وَهُمْ حِينَئِذٍ فِي عِلْمِ اللَّهِ تَعَالَى لَا وُجُودَ لَهُمْ فِي الْخَارِجِ وَالْمَعْدُومُ لَا يُرَى، وَأَيْضًا هُوَ مِنْ تَمَنِّي مَا لَا يَكُونُ لِأَنَّ عُمْرَهُ لَا يَمْتَدُّ حَتَّى يَرَى آخِرَهُمْ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ الرُّؤْيَةَ بِمَعْنَى الْعِلْمِ وَهُوَ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْدُومِ أَوْ رُؤْيَةُ تَمْثِيلٍ بِمَعْنَى أَنْ يُمَثَّلُوا لَهُ كَمَا مُثِّلَتْ لَهُ الْجَنَّةُ فِي عُرْضِ الْحَائِطِ، أَوْ أَنَّ هَذَا مِنْ رُؤْيَةِ الْكَوْنِ وَزَوْيِ الْأَرْضِ حَتَّى رَأَى مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ لَهُ، وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا بَعْضُ الْعَارِفِينَ بِأَنَّ عِلْمَ الْأَنْبِيَاءِ مُسْتَمَدٌّ مِنْ عِلْمِ اللَّهِ، وَعِلْمُهُ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النِّسَبِ الزَّمَانِيَّةِ، فَكَذَا عِلْمُ أَنْبِيَائِهِ حَالَةَ التَّجَلِّي وَالْكَشْفِ فَهُمْ لِمَا خُلِقُوا عَلَيْهِ مِنَ التَّطْهِيرِ وَالتَّجَرُّدِ عَنِ الْأَدْنَاسِ صَارَتْ مِرْآةُ الْكَوْنِ تَنْجَلِي فِي سَرَائِرِهِمْ، وَصَارَ الْكَوْنُ كُلُّهُ كَأَنَّهُ جَوْهَرَةٌ وَاحِدَةٌ وَهُمْ مِرْآتُهُ الْمَصْقُولَةُ الَّتِي تَنْجَلِي فِيهَا الْحَقَائِقُ وَالدَّقَائِقُ، لَكِنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا فِي مَقَامِ

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 149
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست