responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 211
أَنْكَرْتُ عَلَيْهَا بَعْدَ جَوَابِ الْمُصْطَفَى لَهَا لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذِكْرِ حُكْمِ الشَّيْءِ تَحَقُّقُ وُقُوعِهِ، فَالْفُقَهَاءُ يَذْكُرُونَ الصُّوَرَ الْمُمْكِنَةَ لِيَعْرِفُوا حُكْمَهَا وَإِنْ لَمْ يَقَعْ بَلْ قَدْ يُصَوِّرونَ الْمُسْتَحِيلَ لِتَشْحِيذِ الْأَذْهَانِ. انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ كُلُّ النِّسَاءِ يَحْتَلِمْنَ وَإِلَّا لَمَا أَنْكَرَتْ عَائِشَةُ وَأُمُّ سَلَمَةَ ذَلِكَ، قَالَ: وَقَدْ يُوجَدُ عَدَمُ الِاحْتِلَامِ فِي بَعْضِ الرِّجَالِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ فِي النِّسَاءِ أَوْجَدُ وَأَكْثَرُ، وَعَكَسَ ذَلِكَ ابْنُ بَطَّالٍ فَقَالَ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ كُلَّ النِّسَاءِ يَحْتَلِمْنَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ الْجَوَازُ لَا الْوُقُوعُ أَيْ فِيهِنَّ قَابِلِيَّةُ ذَلِكَ، قَالَ السُّيُوطِيُّ: وَأَيُّ مَانِعٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ خُصُوصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُنَّ لَا يَحْتَلِمْنَ كَمَا أَنَّ مِنْ خَصَائِصِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَحْتَلِمُونَ لِأَنَّهُ مِنَ الشَّيْطَانِ فَلَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَيْهِمْ، وَكَذَا لَا يُسَلِّطُ عَلَى أَزْوَاجِهِ تَكْرِيمًا لَهُ؟ قُلْتُ: الْمَانِعُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْخَصَائِصَ لَا تَثْبُتُ بِالِاحْتِمَالِ وَهُوَ كَغَيْرِهِ لَمْ يُثْبِتْ ذَلِكَ لِلْأَنْبِيَاءِ إِلَّا بِالدَّلِيلِ، وَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ وَلِيُّ الدِّينِ الْعِرَاقِيُّ: بَحَثَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فِي الدَّرْسِ فَمَنَعَ وُقُوعَهُ مِنْ أَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَنَّهُنَّ لَا يُطِعْنَ غَيْرَهُ لَا يَقَظَةً وَلَا مَنَامًا، وَالشَّيْطَانُ لَا يَتَمَثَّلُ بِهِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُنَّ قَدْ يَحْتَلِمْنَ مِنْ غَيْرِ رُؤْيَةٍ كَمَا يَقَعُ لِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، أَوْ يَكُونُ سَبَبُ ذَلِكَ شِبَعًا أَوْ غَيْرَهُ، وَالَّذِي مَنَعَهُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ وُقُوعُ الِاحْتِلَامِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. انْتَهَى.
(فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:) وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أَنَسٍ «فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا أُمَّ سُلَيْمٍ فَضَحْتِ النِّسَاءَ تَرِبَتْ يَمِينُكِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " بَلْ أَنْتِ (تَرِبَتْ يَمِينُكِ) » " قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ خِلَافٌ كَثِيرٌ مُنْتَشِرٌ جِدًّا لِلسَّلَفِ وَالْخَلَفِ مِنَ الطَّوَائِفِ كُلِّهَا، وَالْأَصَحُّ الْأَقْوَى الَّذِي عَلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ فِي مَعْنَاهَا أَنَّ أَصْلَهَا افْتَقَرَتْ، وَلَكِنَّ الْعَرَبَ اعْتَادَتِ اسْتِعْمَالَهَا غَيْرُ قَاصِدَةٍ حَقِيقَةِ مَعْنَاهَا فَيَقُولُونَ: تَرِبَتْ يَدَاكَ، وَقَاتَلَهُ اللَّهُ مَا أَشْجَعَهُ، وَلَا أُمَّ لَهُ وَلَا أَبَّ لَهُ، وَثَكِلَتْهُ أُمُّهُ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا عِنْدَ إِنْكَارِ الشَّيْءِ أَوِ الزَّجْرِ عَنْهُ أَوِ الذَّمِّ عَلَيْهِ أَوِ اسْتِعْظَامِهِ أَوِ الْحَثِّ عَلَيْهِ أَوِ الْإِعْجَابِ بِهِ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: هَذَا اللَّفْظُ وَمَا أَشْبَهَهُ يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَرَبِ مِنْ غَيْرِ قَصْدِ الدُّعَاءِ، وَقَدْ قَالَ الْبَدِيعُ فِي رِسَالَتِهِ:
قَدْ يُوحِشُ اللَّفْظُ وَكُلُّهُ وُدُّ ... وَيُكْرَهُ الشَّيْءُ وَلَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ بُدُّ
هَذِهِ الْعَرَبُ تَقُولُ لَا أَبَّ لَكَ لِلشَّيْءِ إِذَا أَهَمَّ، وَقَاتَلَهُ اللَّهُ وَلَا يُرِيدُونَ الذَّمَّ، وَوَيْلُ أُمِّهِ لِلْأَمْرِ إِذَا تَمَّ، وَلِلْأَلْبَابِ فِي هَذَا الْبَابِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الْقَوْلِ وَقَائِلِهِ فَإِنْ كَانَ وَلِيًّا فَهُوَ الْوَلَاءُ وَإِنَّ خَشِنَ، وَإِنْ كَانَ عَدُوًّا فَهُوَ الْبَلَاءُ وَإِنْ حَسُنَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاطَبَهَا عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي تَخَاطُبِهَا مِنِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ اللَّفْظَةِ عِنْدَ الْإِنْكَارِ لِمَنْ لَا يُرِيدُونَ فَقْرَهُ، وَلِمَنْ كَانَ مَعْنَاهَا افْتَقَرَتْ يُقَالُ: تَرِبَ فُلَانٌ إِذَا افْتَقَرَ فَلَصِقَ بِالتُّرَابِ، وَأَتْرَبَ إِذَا

نام کتاب : شرح الزرقاني على الموطأ نویسنده : الزرقاني، محمد بن عبد الباقي    جلد : 1  صفحه : 211
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست